منوعات

أغنية قديمة تتحدى الحرب وتشعل قلوب السودانيين بعد 50 عامًا

متابعات- نبض السودان

في خضم مآسي الحرب ومرارات الشتات، أطلت أغنية “يا قروية” من أعماق الذاكرة السودانية، لتتصدر الترند على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مرور أكثر من نصف قرن على إنتاجها، مشتعلة بموجة واسعة من الحنين والتفاعل بين السودانيين.

حنين إلى زمن القرية

تحولت “يا قروية”، التي تعود إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي وعُرضت حينها بالأبيض والأسود، إلى رمز وجداني استدعى أيام القرية البسيطة، حيث كانت الحياة تنبض بقيم الأصالة والتماسك. وقد جسدت الأوبريت مشهداً غنائياً رقيقاً بين فتيات الريف الحالِمات بزيارة العاصمة وفتيات المدينة اللاتي قدمن لهن وصفاً ساحراً لمظاهر الحياة الحضرية، في محاورة فنية حملت دلالات اجتماعية وثقافية غنية.

انتشار كالنار في الهشيم بفضل البروفيسور المعز عمر بخيت

انتشر الأوبريت مجددًا كالنار في الهشيم بعدما أعاد البروفيسور المعز عمر بخيت نشره عبر صفحته على “فيسبوك”، ليحقق تفاعلاً ضخمًا تصدّر جميع منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، ممزوجًا بمشاعر الحنين والدهشة وسط واقع الغربة والشتات الذي يعيشه كثير من السودانيين اليوم.

دموع وذكريات تعصف بالوجدان

بصوت متهدج ودموع لا تخفى، روت المواطنة السودانية فاطمة محمد لموقع “العربية.نت” عن وقع الأغنية عليها قائلة: “عندما سمعت الأغنية لم أستطع التحكم في دموعي، شعرت وكأن الزمن عاد بي إلى الوراء، إلى أيام كانت فيها الحياة أبسط، وأيام كانت الأحلام غضة ونضرة في قلوبنا”، مضيفة أنها لم تصدق أن الأوبريت لا يزال يحمل تلك القوة العاطفية المؤثرة بعد مرور كل هذه السنوات.

خبراء يرصدون رمزية العودة إلى الجذور

من جانبه، قال الإعلامي والناقد السوداني مصعب الصاوي لـ”العربية.نت” إن تفاعل السودانيين مع “يا قروية” ليس مستغربًا، معتبراً أن “في زمن الحرب تستعيد الذاكرة لحظات التماسك والاستقرار، وتتشبث بالمفردات الجمالية التي تعبر عن الحياة والقدرة على الإبداع”. وأضاف أن الأغنية “لمحة من زمن نادر يستحيل أن يعود”.

“يا قروية” كمرآة للقيم الأصيلة

الصاوي أوضح أيضاً أن الأغنية أبرزت القيم الاجتماعية الأصيلة للقرية مقابل مظاهر حياة المدينة الزائفة، ما ساهم في تعزيز قيم الانتماء إلى الجذور في وجدان السودانيين، خصوصًا في وقت تزداد فيه الحاجة للثبات الهوياتي في وجه الاضطرابات.

براعة فنية وإخراجية خالدة

إخراجياً، أشار الصاوي إلى براعة تقديم حالة التضاد (Contrast) داخل الأوبريت، حيث قُسم المشهد إلى صفين متقابلين بين فتيات الريف والمدينة، مع عرض تابلوهات راقصة بينهما. كما لفت إلى أن أزياء القرويات جسدت روح القرية السودانية التقليدية، بينما عبّرت أزياء فتيات المدينة عن خطوط الموضة المتنوعة آنذاك، مما أضفى على المشهد لمسة واقعية وجمالية نادرة.

الأغنية تقهر الزمن والتقنيات

رغم مضي قرابة 50 عاماً على إنتاجها بتقنيات الأبيض والأسود، أثبتت “يا قروية” أن العمل الفني الصادق لا تقف أمامه حواجز الزمن أو تطور الوسائط. إذ استطاعت الأغنية، خلال اليومين الماضيين، أن تعيد توحيد مشاعر السودانيين عبر الأجيال، رغم كل التحولات والانكسارات التي مرت بها البلاد.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

زر الذهاب إلى الأعلى