زيارة نائب وزير الخارجية التركي للسودان: دلالات سياسية وأبعاد استراتيجية
خبر وتحليل
عمار العركي
زيارة نائب وزير الخارجية التركي للسودان: دلالات سياسية وأبعاد استراتيجية
1/ زيارة نائب وزير الخارجية التركي إلى السودان، والتي جاءت في سياق مبادرة أنقرة للوساطة بين السودان والإمارات، تحمل في طياتها أبعاداً استراتيجية ودلالات سياسية واقتصادية متعددة. إذ إن السودان، الذي يواجه أزمة معقدة، بات يعتمد بشكل متزايد على شركاء إقليميين ودوليين لدعم جهود السلام وإعادة الإعمار.
2/ التصريحات التي صدرت عقب الزيارة تبرز أهمية هذه المبادرة في تحقيق السلام، وهو ما أكده الجانب السوداني في وصفه لها بأنها خطوة جادة نحو إنهاء الحرب. استقبال السودان لهذه المبادرة بحفاوة يعكس ثقته في قدرة تركيا على لعب دور الوسيط المحايد، خاصة مع امتلاكها لعلاقات قوية مع الأطراف الإقليمية ذات التأثير المباشر على الصراع.
3/ في الوقت نفسه، فإن الزيارة حملت أبعاداً اقتصادية وتجارية تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين. إشارة وزير الخارجية السوداني إلى الخطط التركية لافتتاح بنك تركي في بورتسودان، وافتتاح مقر لمنظمة العون التركي، تؤكد أن التعاون بين البلدين لا يقتصر على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل مجالات التنمية الاقتصادية. هذا النهج يعكس رؤية السودان لتعزيز التعاون مع تركيا كحليف استراتيجي يسهم في إعادة بناء اقتصاده المتضرر.
4/ من جهة أخرى تصريحات المسؤول التركي التي ركزت على دعم سيادة السودان ووحدة أراضيه، تعكس التزام أنقرة بمبادئ الاستقرار الإقليمي، وهو ما يعد رسالة مهمة للسودان في ظل التدخلات الخارجية السلبية التي أسهمت في تأجيج الصراع. هذا الدعم يعزز من فرص نجاح المبادرة التركية كجزء من جهود إقليمية ودولية أوسع تسعى لإنهاء الأزمة السودانية.
5/ المساعدات الإنسانية والتنموية التي قدمتها تركيا، مثل شحنات المساعدات والبواخر الثلاث التي وصلت بورتسودان، تعد دليلاً عملياً على التزامها بدعم السودان، ليس فقط في الجانب السياسي، ولكن أيضاً في توفير مقومات الحياة الأساسية للمواطنين.
6/ تصريحات وزير الخارجية السوداني التي أبرزت أهمية هذه الزيارة ودورها في فتح آفاق جديدة للتعاون، تعكس رؤية تفاؤلية لمستقبل العلاقات بين البلدين. هذه التصريحات تركزت على الاستفادة من الحضور التركي لتعزيز الاستقرار وبناء شراكة طويلة الأمد تتجاوز المرحلة الراهنة .
7/ المبادرة التركية تأتي في لحظة حرجة بالنسبة للإمارات ، حيث تسعى للخروج من مأزقها الحالي عبر الوساطات ، ولكن نجاح هذه المبادرة يعتمد على مدى قدرة المبادرة إحداث مؤامة مقنعة بين المصالح الإستراتيجية والمكاسب المادية وما بين الخسائر المعنوية الإعتبارية للسودان ، اضافة الي إحداثها تغيير حقيقي في مواقف الأطراف الإقليمية المتورطة في الحرب ، وهو ما يجعلها اختباراً حقيقياً لنوايا تركيا كوسيط محايد فى وساطة يشهد لها العالم بأنها بين جاني ومجني عليه.
خلاصة القول ومنتهاه
▪️زيارة المسؤول التركي تمثل رسالة مزدوجة: دعماً إنسانياً وتنموياً من جهة، ودفعاً سياسياً نحو إنهاء الحرب وتحقيق السلام من جهة أخرى. ومع تصاعد التحديات أمام السودان، فإن هذه الزيارة والمبادرة التركية قد تكونان بداية طريق طويل لإعادة الاستقرار وبناء علاقات استراتيجية تسهم في تخفيف الأعباء السياسية والاقتصادية التي يواجهها السودان حالياً.