خلف الأسوار – سهير عبدالرحيم – الفريق البرهان.. قراران ومكالمة
خلف الأسوار – سهير عبدالرحيم – الفريق البرهان.. قراران ومكالمة
الفريق البرهان.. هنالك سيدة سودانية اسمها آيات تقطن حي الخرطوم 3، قبل الحرب خرجت من منزلها العتيق بوسط الخرطوم نازحة لولاية الجزيرة ، مكثت هنالك سبعة أشهر قبل أن يجتاحهم مغول الدعم السريع مجدداً .
قائد الميليشيا تهجم على منزلها بوحشية قائلاً (رسلي لي بنتك الكبيرة في الإرتكاز بالليل ده ) ، كان يعني ابنتها الكبرى التي تخرجت من كلية الطب بجامعة النهضة .
قامت أم أحمد قبيل ان ينتصف الليل بتهريب أطفالها بما فيهم الطبيبة عن طريق بيوت الجيران وعبر الازقة وبفضل من الله نجت هي وصغارها وزوجها المريض المقعد حتى وصلوا مدينة كسلا .
مكثوا غير بعيد ثم نزحوا مجدداً من كسلا بفعل الكوليرا وحمى الضنك وانتشار الأوبئة وغلاء الإيجارات هائمين على رؤوسهم في الصحراء.
و كانت تلك رحلة الموت إلى ليبيا 18 يوماً ليلاً و نهاراً في وحشة الصحراء تعطلت فيها السيارة التي تقلهم و نفذ طعامهم وشرابهم و مارست الشمس عليهم كل أصناف القهر والاستعباد تحت وطأتها.
أخيراً وصلت الأسرة إلى ليبيا لتبدأ معاناة من نوع آخر، لملمت أطرافها لمواجهة مستقبل ملبد بالغيوم. الابنة التي تخرجت طبيبة من كلية النهضة طالبتها الكلية بدفع مبلغ ألف دولار ثمن استخراج الشهادة …!!!
أُسقط في يد الابنة وجلست في البيت وأُسقط في يد الأسرة التي صرفت ما صرفت في انتظار هذه اللحظة التي تستطيع من خلالها الابنة العمل و إعالة الأسرة.
أما الابن الأصغر فهو يدرس بجامعة المشرق هندسة طبية وقد رفضت الجامعة هي الأخرى فتح فرع لها في ليبيا وأصبح مستقبله ومستقبل آلاف الطلاب مثله من منتسبي الجامعة على قارعة الطريق.
السيد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي أم أحمد ليست الوحيدة؛ هذا نموذج لعشرات الآلاف من الأسر ضاق بها الحال جراء الرسوم الباهظة لاستخراج الشهادات الجامعية و رسوم مضاعفة لاستكمال الدراسة .
مئات الشكاوى استقبلها هاتفي من طلاب وأولياء أمور تلخص جشع و تعنت جامعات السودان العالمية، ومأمون حميدة، والتقانة، واليرموك، والنهضة والمشرق وغيرها.
جامعات حولت التعليم لسلعة يحصُل عليها من يملك المال ،
السيد الفريق البرهان.. أنت لا تستطيع إعلان النصر غداً ولكن في يدك أن تنتصر لشعبك بإصدار بعض القرارات، لا تستطيع أن ترجع المواطنين اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم بين عشية وضحاها ولكنك تستطيع إعادة القليل من الأمل لهم.
لا تستطيع أن تمسح آلام ومعاناة الشعب وتزيل ما علق بنفوسهم من ذل وألم وحرمان وجوع و مسغبة وظلم ولكن بيدك القلم لإسعاد ملايين الأسر .
حصول طالب أو طالبة على شهادة يعني نفاجاً للمستقبل وأملاً للأسرة وفرصة للعمل و إزالة للرهق وسداً لرمق والديه ..
قراران يحتاجهما الشعب الآن؛ فالتعليم التعليم التعليم هو المرتكز و هو طوق النجاة و أقصر الطرق للوعي والنهضة ،اِصدِر قراراً :
بمجانية استخراج الشهادات الجامعية لكل الجامعات؛ حكومية كانت أو خاصة، فخزينة بنك السودان لن تمتليء على حساب الفقراء والبسطاء
و قراراً بإلزام الجامعات بتخفيض الرسوم الجامعية وإلا إلغاء التراخيص.
و مكالمة مع الرئيس المصري لفتح المدارس السودانية وتوفيق أوضاع ثلاثة آلاف طالب قبلتهم الجامعات المصرية رفضوا منحهم تأشيرة و مستقبلهم على المحك.
خارج السور:
هذه القرارات الثلاثة لن تعيد ما دمرته الحرب ولن تحرر الخرطوم لكنها ستسعد ملايين الأسر التي سيسألك الله عنها يوم القيامة.