البرهان يُغيّر مكان إقامته ويوزع الوزارات لـ ولايات السودان
بورتسودان – نبض السودان
يخطط رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لنقل مقر إقامته من مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر في شرق البلاد، إلى مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل بشمال السودان خلال الأسابيع القادمة.
اتخذ البرهان مدينة بورتسودان عاصمة إدارية مؤقتة للبلاد بعد مغادرته مقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم خلال شهر أغسطس/آب 2023، بعد أن كان محاصرًا منذ بداية القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف شهر أبريل/نيسان 2023.
وكشفت مصادر حكومية قريبة من مجلس السيادة لقناة الجزيرة نت أن المجلس قد وافق على توزيع مقار الوزارات بين ولايات كسلا والقضارف في شرق البلاد، ودنقلا ومروي وعطبرة الدامر في شمالها، بينما ستبقى وزارتا الخارجية والمالية والاقتصاد في بورتسودان.
مركز ثقل
حسب نفس المصادر، سيقوم بعض أعضاء مجلس السيادة بنقل مقار إقامتهم إلى الولايات، حيث سينتقل مالك عقار، نائب رئيس المجلس، إلى كسلا، بينما سينتقل العضو إبراهيم جابر إلى القضارف. وسيتواجد الأعضاء شمس الدين كباشي وعبد الله يحيى وصلاح آدم تور رصاص في بورتسودان، بالإضافة إلى ياسر العطا الذي سيبقى في أم درمان.
أفادت المصادر الحكومية أن بورتسودان أصبحت مركزاً مهماً من الناحية الاقتصادية والتجارية، حيث تضم مقرات المؤسسات والشركات والمنظمات والسفارات والموانئ. ومع ذلك، تفتقر المدينة إلى المباني الكافية لاستيعاب الأنشطة الحكومية.
وفقا لما ذكرته، فإن نقل رئيس مجلس السيادة وعدد من أعضائه ومقار الوزارات إلى الولايات سيساهم في تنشيط العمل التنفيذي وتحسين الخدمات في المدن، كما سيعزز من شعور المواطنين بقربهم من السلطة واهتمام الحكومة.
توقعت المصادر ذاتها أن ينتقل البرهان في وقت لاحق من عطبرة إلى أم درمان، بعد أن حقق الجيش تقدماً خلال الأيام الماضية في أم درمان والخرطوم بحري والخرطوم. ومن المتوقع أن يكتمل تحرير العاصمة قبل نهاية العام. وأشارت إلى أن وسط الخرطوم وشرقها، حيث تقع مقار القصر الرئاسي وقيادة الجيش ومعظم الوزارات والمؤسسات، يشهد مخاطر بيئية قد تتطلب وقتاً لمعالجتها بعد انتهاء الحرب، كما تعرضت المنطقة لدمار واسع.
من جهتها، أفادت لجنة تطوير وتأهيل مطار عطبرة أن الأعمال الإنشائية الجارية في المطار تهدف إلى تحويله إلى مطار دولي يلبي احتياجات الولاية والدولة في مجالات نقل البضائع والركاب.
مخاطر بيئية
خلال زيارته لولاية نهر النيل، تفقد البرهان سير العمل في تطوير وتحديث مطار عطبرة. وأصدر توجيهاته لسلطة الطيران المدني بإدراج أكبر عدد من المطارات في قائمة المطارات الدولية، وكذلك بذل المزيد من الجهود لافتتاح المطار هذا العام، معتبرًا ذلك مشروعًا استراتيجيًا يحقق المصالح الوطنية والدولية.
يعتقد الخبير والتجاني الأصم، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية في ولاية الخرطوم، أن وسط العاصمة منطقة مركزية مغلقة لا تصلح لأي أنشطة حيوية إلا بعد اتخاذ إجراءات ومعالجات علمية.
في حديثه مع الجزيرة نت، يشير الخبير إلى أن وسط الخرطوم، الذي يعتبر مركز العاصمة، كان ولا يزال يشهد عمليات عسكرية واسعة ودائمة. وتضم هذه المنطقة العديد من المراكز المتنوعة بما في ذلك المعامل الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية والطبية، بالإضافة إلى المتاحف الطبيعية وعلوم الحيوان.
برأيه، فإن هذه المجالات المتعددة تتطلب في الظروف العادية متطلبات معينة من كهرباء وتكييف وتهوية، بالإضافة إلى توفير الأمن والسلامة الطبية والمباني والمعدات المتخصصة. لكن تلك المتطلبات تعرضت للدمار، مما أدى إلى تحرر هذه الكائنات والمواد الكيميائية وانتشارها كملوثات.
وأشار الخبير إلى أن تدمير هذه المراكز تسبب في تلوث الهواء والتربة والمياه، مما يؤدي إلى أضرار بيئية. ونتيجة لذلك، تنعدم الاحتياجات الأساسية للحياة لأي كائن حي، كما أن الأضرار الناتجة عن الحرب على البيئة تعيق تقدم تحسين جودة مقومات الحياة الطبيعية، إلا إذا تم القيام بمعالجة علمية تدريجية تبدأ بقياس مستويات التلوث البيئي.
تقع مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل شمال السودان، على بعد حوالي 310 كيلومترات من الخرطوم، و10 كيلومترات عن مدينة الدامر، و611 كيلومترا عن ميناء بورتسودان، وحوالي 474 كيلومترا جنوب وادي حلفا على الحدود المصرية. تتواجد المدينة على الضفة الشمالية لنهر عطبرة والضفة الشرقية لنهر النيل، وتعتبر من أقدم وأعرق مدن السودان، حيث تُعرف بلقب “عاصمة الحديد والنار” بسبب احتضانها لمقر السكة الحديدية في البلاد. اختار الإنجليز عطبرة لتكون موقعا عسكريا لقواتهم بعد استعادة استعمار أبو حمد وبربر المجاورتين في عام 1898، وذلك لموقعها الاستراتيجي المحاط بنهر النيل وعطبرة من الجنوب والغرب. وقد اشتهرت المدينة في تاريخها القديم والحديث بقطاع السكك الحديدية والحركة النقابية السودانية.