مقالات الرأي

تغييرات ادارات الجهاز القومي للرقابة على التأمين.. هل ينهي الفساد؟؟!

خالد عوض عبدالله المحامي

حملت الاخبار أن تغييرا وشيكاً سيطرأ على بعض إدارت الجهاز القومي للرقابة على التأمين، وذلك بعد إقالة ألامين العام السابق للجهاز، وأعقبها تقديم رئيس مجلس الادارة لاستقالته، لتطوي بذلك أسوأ فترة زمنية تمر على الجهاز منذ أن كان هيئة صغيرة ، شهد خلالها الجهاز العديد من المخالفات إلادارية والمالية والقانونية حتى وصل ألامر إلى نيابة مكافحة الفساد وجرائم المال العام بل وصل الامر إلى المحكمة نفسها في بلاغات ضد الامين العام السابق، وقد أصيب قطاع التأمين في مقتل نتيجة للادارة العشوائية التي كانت تدار بها الامور بالجهاز والتي تسببت في خسائر مالية باهظة بشركات التأمين.

قد قام الأمين العام مؤخرا بإلزام كافة شركات التأمين على سداد أقساط معيدي تأمين بالدولار خلال فترة الحرب وفي وقت شحت فيه السيولة بالعملة المحلية لدى البنوك فما بالكم بالدولار .

وهذا شيء طبيعي يحدث في اقتصاد اى دولة تكون في حالة حرب ولكن يبدو ان الامين العام كان لا يدري ما تمر به البلاد واقتصادها من نكبات مراعيا مصلحة الشركة التي يشغل عضوية مجلس ادارتها على المصلحة القومية للاقتصاد الوطني وهو الدور الأساسي للجهاز القومي للرقابة على التأمين، الشيء الذى اثر سلبا على شركات التأمين التي فشلت في استرداد ودائعها من المصارف مما اضطرها إلى اللجوء إلى السوق الاسود لشراء الدولار والايفاء بإلتزاماتها تجاه المعيد حيث ربط الأمين العام هذا التحويل بتجديد الترخيص(علما بأن المعيد قد عطل حسابه بالعملة المحلية وطالب الشركات بتحويل جميع اقساطه بالدولار بعد الحرب) وتم ذلك في أبشع عمليات الابتزاز المالي التي شهدتها البلاد مؤخرا مما شكل عبئا ماليا على شركات التأمين فزادت خسارة على خسارتها.

كما أن التجاهل المتعمد للجهاز متمثلا في أمينه العام السابق للطلبات المتكررة من شركات التأمين لتحريك سعر تأمين الطرف الثالث ليواكب ولو بقدر قليل الزيادات المهولة التي طرأت على أسعار السلع والخدمات التي يغطيها تأمين الطرف الثالث والتي تضاعفت أسعارها مئات المرات أن لم يكن آلاف المرات و كل ذلك كان له الأثر الكبير في الاحباط العام الذي خيم على قطاع التأمين كافة باالاضافة إلى الخسائر المالية الكبيرة التي ظلت تتحملها شركات التأمين لاكثر من ثلاث سنوات مما شكل عبئاً مالياً ثقيلا ،منع شركات التأمين من التطور والمواكبة من النواحي الفنية وإلادارية بالصرف على التقنية ونشر الوعي التاميني ووضع المزيد من الإستثمار في الودائع حتي تظل الثقة المالية هي السمه الاساسية لشركات التأمين وهي تغطي كافة المخاطر و مسؤولية غير محدودة في مطالبات الطرف الثالث مع محدودية اتفاقيات اعادة تأمين السيارات ولتسدد الشركات ما عليها من التزامات المطالبات وصل بها ألامر إلى أن صرفت العديد من شركات التأمين الكثير مدخراتها وودائعها بغرض تسديد المطالبات.

ولكسب مزيد من السيولة اضطرت بعض الشركات الى كسر سعر الطرف الثالث الضعيف أصلا وذلك لتصبح في وضع المستجير بالرمضاء من نار .

وكل هذا لا يجعل الشركات في موقف القوة التي هي الاصل في أسواق التأمين المعافاة.

كل ما ذكر غيض من فيض والذى سنعود إليه بالتفصيل في مساحة أرحب إن شاء الله. أما وقد حملت الأنباء عن بعض التغيير الذى سيحدث في هذا الجهاز فإنه لابد لنا من إسداء النصح للادارة الجديدة وذلك من خلال معرفتنا لبعض الخلل الكامن في الجهاز القومي للرقابة على التأمين والذي أدركناه وعرفنا تفاصيله من خلال إلتصاقنا ومعايشتنا لما يحدث داخل الجهاز القومي للرقابة على التأمين خلال الأربع سنوات الماضية والذي في رأى يحتاج إلى معالجات جذرية وسريعة في نفس الوقت و ذلك لمخالفتها الصريحة والمتعمدة للقوانين ويقيني أن تركت على حالها ستصيب عدوتها بالضرورة قطاع التأمين كافة وستكون الطامة الكبرى .

وأول هذه الإدارات التي تحتاج إلى تصحيح وإعادة تقنين واعادة هيكلة هي الهيئة العليا للرقابة الشرعية و التي تعتبر أحد الإدارات الرئيسة في الجهاز، واعادة التقنين التي نقصدها هنا هى إعادة ضبط وصياغة النصوص القانونية التي تحدثت عن الهيئة العليا للرقابة الشرعية في قانون الرقابة والإشراف على التأمين لسنة 2018 ، وفي مقدمة هذه النصوص نص المادة(21)والتي نصت على ( تتولى الهيئة العليا للرقابة الشرعية الضبط الشرعي لأعمال التأمين في السودان وتترأس جميع هيئات…. ’ ألخ ) وبما أنه لا توجد لقانون الرقابة والإشراف مذكرة تفسيرية تشرح نصوصه وتحدد الغرض منها الذي أراده المشرع يمكننا أن نقول أن هذا النص معيب شكلا وموضوعاً و مناقض للنصوص التي تليه ، ولتسمحوا لي سادتي أن أبين ذلك على الوجه التالي. 1/جاء في النص أن الهيئة العليا الشرعية ترأس جميع هيئات الرقابة الشرعية بالشركات !! و نقول كيف ترأس الهيئة العليا الشرعية هيئة شرعية لشركة تأمين!!!؟ وما هي الآلية التي تقوم بها الهيئة العليا الشرعية لانزال هذه الرئاسة لارض الواقع !! و هل لرئاسة الهيئة العليا الشرعية لهيئة شرعية لشركة تأمين هو أن تقوم بعملها وتمثلها لدى كل الجهات بما فيها اجتماعاتها في شركة التأمين التابعه لها والتحدث بإسمها ….. ألخ!!!؟ .

إن عبارة تترأس الواردة في هذا النص لا مجال لها من الإعراب ، وهي عبارة شاذة ولا تستقيم خاصة لو تتبعنا النصوص القانونية اللاحقة لنص المادة( 20 ) المذكورة أعلاه.

وإنه وبسبب هذا النص قام أعضاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية و دونما وجل و دونما معرفة لطبيعة عملهم ومعرفة تفسير النصوص القانونية اللاحقة بنص المادة (20) المذكورة أعلاه قاموا برئاسة ونيل عضوية بعض هيئات الرقابة الشرعية لدى شركات التأمين ليجسدوا بذلك الفعل، التناقض الصارخ والواضح لطبيعة عملهم ودورهم الرقابي والاشرافي المنصوص عليه في قانون الرقابة وإلاشراف على التأمين . فكيف يستقيم لاعضاء هيئة حكومية معينة بواسطة وزير إتحادى أن يتقلدوا مناصب في شركات لدى القطاع الخاص وهم أنفسهم المشرفين والمراقبين لهذه الشركات نفسها بموجب نصوص القانون !!!؟ .

كيف يستقيم أن تتولى هذه الهيئة دور الحكم والخصم في نفس الوقت!!!؟ كيف تكون أنت المشرف والمشرف عليه في ذات التوقيت!!!؟إن هذا كما قلت هو التناقض واللعب على النصوص وتحريفها وتجيرها لصالح المصالح الشخصية والمكاسب الذاتية .

إن أغلب أعضاء الهيئة العليا الشرعية هم الآن أعضاء في هيئات شرعية تابعة لشركات التأمين يأخذون أجورهم وحوافزهم من الدولة ومن شركات التأمين في نفس الوقت .قولوا لي بربكم كيف يستقيم نص المادة (1/22) من قانون الرقابة وإلاشراف على التأمين مع ما يقوموا به أعضاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية !!؟ . ولندرك حجم التناقض وشبهة الفساد في هذا الأمر لابد لنا أن نستعرض نص المادة (1/22)والتي تنص (على ان يعين كل مؤمن هيئة رقابة شرعية على أعماله تتكون من ثلاثة عضاء أثنان منهم من علماء الشريعة يختارون رئيساً من بينهم وتوافق عليهم الهيئة العليا للرقابة الشرعية) ومن خلال هذا النص فأن شركة التأمين تقوم بتعين ثلاث أشخاص ليكونوا هم هيئة الرقابة الشرعية للشركة ويختار الثلاثة أعضاء من بينهم الرئيس لهذه الهيئة فكيف بعد هذا النص يأتي أحد أعضاء الهيئة العليا الشرعية التابعة للجهاز ويصبح عضو هيئة شرعية لشركة التأمين !!!؟ .

كيف له ذلك وقد نصت المادة (19)من القانون بأن الهيئة العليا الشرعية مستقلة أى عدم التبعية ألى اى جهة كانت ، وذلك حتى تمارس دورها الرقابي والاشرافي بكل حرية ودون أى ضغوط أى ترهيب أو ترغيب .

كيف لرئيس أو عضو لهيئة شرعية عليا أن يمارس أى دور رقابي على شركة تأمين تمنحه أجره وحوافزه وكيف يقوم بدوره في الرفض أو القبول أو المساءلة بكل حيادية دون أن يخاف من قطع رزقه وأجره وحوافزه من شركة التأمين !!؟.إن منطق الأشياء يقول أنه لن يقوم بأى دور رقابي أو محاسبى على الشركة التي يتقاضى أجر ً منها فمن يمسك القلم لا ًيكتب نفسه شقيا.

إن دخول أعضاءالهيئة العليا الشرعية وتعينهم ليصبحوا أعضاء في هيئات الرقابة الشرعية للشركات في وجود نص المواد(20) و( 21) و (22) من قانون الرقابة واإلشراف علي التأمين لسنة 2018 هو عورة ومخالفة تشريعية وقانونية وعمل لايرضاه الله و لا رسوله و المؤمنون ويجب ايقافه ومحاسبة من قام به ومن أحله وشرعه ويجب على كل أعضاء الهيئة العليا الشرعية أن يتحللوا من أى أموال اخذوها من شركات التأمين نظير عملهم معها ضمن هيئات الرقابة الشرعية الخاصة بها كما نطالب بحذف نص المادة ( 20 ح) عملهم معها ضمن هيئات الرقابة الشرعية الخاصة بها. كما نطالب بحذف نص المادة التى تنص على (وضع لائحة داخلية لتنظيم اعمالها وأعمال هيئات الرقابة الشرعية ) حتى يستقيم الامر وتتمتع هيئات الرقابة الشرعية لشركات التأمين بشخصيتها المستقلة عن الهيئة العليا الشرعية التابعة للجهاز القومي للرقابة علي التأمين .

ومما يعزز فرضية الفساد و يؤكد التناقض الذي يمكن أن يحدث تعيين أحد أعضاء أو رئيس الهيئة العليا الشرعية التابعة للجهاز القومي للرقابة على التأمين في أحد هيئات الرقابة الشرعية التابعة لشركات التأمين هو أن مجلس إدارة الجهاز يتكون من عدةأعضاء من بينهم ممثل الهيئة العليا للرقابة الشرعية وذلك وفقاً لنص المادة(9 / 1 / ج) من قانون الرقابة والاشراف على التأمين ومعلوم ًًقانونا وفقا لنص المادة (16) من نفس القانون أن لا تكون لى أي من أعضاء مجلس الادارة أي مصلحة أو ميزة أو عمل من أعمال التأمين.

فما بالك بأن يعمل أحد أعضاء مجلس الإدارة في شركة تأمين أو يقدم لها أى خدمات تخص مجال التأمين نظير أجر يتقضاه منها ، أن وجود أى من أعضاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية وخاصة من يمثلها في مجلس الإدارة ضمن أعضاء أى هيئة شرعية تابعة لشركة تأمين هو الفساد بعينه وهو مخالفة للقوانين وهو فتحا لبابا واسعاً للثراءالحارم والمشبوه الذي يتطلب معه حسم الامر حسماً نهائيا والوقوف في وجهه بكل شجاعة .

فضلا على ان صدر المادة المشار إليها أعلاه تطلب من عضومجلس إلادارة أن يكون صادقا ونزيهاً، فكيف تجتمع النزاهة ويجتمع الصدق في شخصاً يأكل من كل الموائد لا يفرق مابين حلالها وحرامها!!!؟.هناك أيضاً نص المادة (11 / 3) من قانون الرقابة والاشراف على التأمين حيث لم تضبط المادة المشار إليها أى مدة عمل لأعضاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية حيث نصت على أن المدة خمس سنوات قابلة للتجديد دون أن تحدد مدد التجديد وتركت الامر مفتوحاً ممايفتح الباب واسعاً لبقاء أعضاء الهيئة العليا للرقابة الشرعية في مناصبهم لازمان طويلة ومديدة لا يغيبهم عنها إلا الموت.

وهذا هو الفساد بعينه ، ولابد أن يعاد ضبط صياغة هذه المادة وتنص على عدد مرات التجديد على وجه التحديد وذلك إمعانا في النازهة والشفافية واتاحة الفرصة للدماءالجديدة والخبرات لتقدم ما لديها.

فمن لم يقدم في خمس سنوات ما لديه من أفكار وأعمال يمكن أن تدفع به عجلة التطور والتقدم للإمام فلن يقدم شيء يذكر مهما أعطى من مدد أخرى.

كان لابد ان أبدا نصحي بالهيئة الشرعية العليا لانها ظلت طوال سنوات الدورة السابقة تحوي ضمن عضويتها ألامين العام السابق للجهاز كعضو اصيل بكامل حوافز عضويته على الرغم من أن قانون الرقابة والاشراف على التأمين حدد من هم الاعضاء ولم يكن ألامين العام واحدا منهم حسب القانون للاسف لم يفتي رئيس الهيئة أو احد اعضائها بانه لا يجوز أن يكون الأمين العام عضوا بالهيئة ويصرف كامل الحوافز المالية كضو بوضع اليد.

نقف هنا وسنعود لبقية الإدارات الاخرى في مقاًل القادم إن شاءالله.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى