بينما يمضي الوقت – (نسمع جعجعة) – أمل أبو القاسم
بينما يمضي الوقت – (نسمع جعجعة) – أمل أبو القاسم
لثلاثة أيام متواصلة والمليشيا لم تكف يدها عن قرى جنوب وشرق الجزيرة وهي تذيقهم مر العذاب وتسقيهم كاسات الأذى. ما فعلته المليشيا بإنسان الجزيرة والحملات الانتقامية التي قادتها نحو أهالي تلكم القرى لا ترقى لفعل آدمى بل وحوش وكلاب مسعورة منزوعة الفؤاد، معدومة الضمير، متعطشة للدماء . ترى من أين جئ بهؤلاء السفلة؟ ومن أي طينة خلقوا؟ فالأفعال والجرائم البشعة ونزعة التشفى التي افرغوها في أهل الجزيرة تجردهم من أي صفات إنسانية أو آدمية.
لم تترك المليشيا المتوحشة ضربا من أنواع العذاب إلا وطرقته، ضربت بالسياط، وسحلت، وعذبت كبار السن والأطفال بكل الوان العذاب، اغتصبت السيدات والفتيات بطريقة مهينة وبشعة ولم تتوانى في ملاحقة الفارات فاجبرتهن واغتصبتهن في الطرقات، قتلت العشرات من كل قرية مروا بها وبلغت المحصلة مئات القتلى ممن صفتهم بدم بارد، اما العصافير من الزغب الحواصل فاعملت فيهم وحشيتها وهي تفرغ فيهم حقدها ونزعة الإنتقام التي تملكتها فانطلقت لا تلوى على شيء فازهقت أرواحهم البريئة لا يكبروا ويصبحوا ” كيكل ” آخر بحد زعمهم.
“كيكل” هذه الأسطورة التي انتهى أمر تسليمها وانضمامها للجيش السوداني بكارثة وبدلا من أن يصبح هذا الأمر نعمة كونه سيحقن دماء رقعة واسعة على امتداد الجزيرة والبطانة تحول لنقمة اريقت بموجبها دماء أكثر.
لم يتحرى لا الجيش ولا الأجهزة الأمنية والاستخبارية الحكمة في انضمام “كيكل” والتحسب لتداعيات ذلك حين جهر بالأمر الذي طربت له الميديا مع استهجان البعض، ولم يغطي كيكل ظهره ويؤمن القرى والمناطق وتركت في غمرة الحدث لتحدث فيها المليشيا حملة انتقامية ربما تفوق حملة الدفتردار الانتقامية التي خلدها التأريخ في الأذهان.
فظائع المليشيا لم يرويها الإعلام أو انبأت عنها الاقاويل بل اعلنتها هي نفسها على الملأ ووثقتها بنفسها كديدنها منذ أن بدأت حربها على المواطن مع بداية المعارك وحتى تأريخه ودونكم مقطع فيديو رائج لأحد قادة المليشيا الدمويين وهو يقدم لجنوده وصفة لتصفية أهل الجزيرة بجمعهم في حاوية وإحراقهم مع دلق الشطة.
اتحدث فقط عن ثلاثة أيام هي عمر انضمام المتمرد كيكل أبو عاقلة بعيد انضمامه للجيش وذات الأفعال تمارس لأكثر من عام ونصف على رقعة واسعة من السودان مخلفة شلالات من الدم، والأسر والتعذيب، وكسر نفس من بقى حيا وهو الميت.
يحدث كل هذا وكل تلكم الجرائم الإرهابية والمجازر وسط صمت العالم وساداته إلا من إدانات خجولة لا ترقى للجرم ولا تتخذ خطوات فاعلة. يحدث كل ذلك والعالم يتفرج ويكتفى بنقاش موضوعات وأن كانت ضمن المشكل إلا أنها ليست بالأساس.
يتناولون أمر المساعدات الإنسانية والتركيز عليها وعلى أهميتها فالحلول والقادم يضل في الغالب طريقه للمليشيا، يركز إعلام المليشيا وظهيرها السياسي على الجوع، والمرض، ويهددون بمجاعة من صنع خيالهم وتصويرها بتضخم رغم دحضها من المسؤولين وذوي الصلة، ثم يتغاضون عن الجرم المفضي إلى الموت مباشرة دون المرور بالجوع والمرض وقناصات الأعداء مجتمعين تحصد عشرات الأرواح يوميا لم يسلم منها الشيوخ والأطفال.
متى سينظر العالم لمأساة أهل السودان بجدية؟ متى ستدان دولة الشر الإمارات ودعمها السخى لتغذية حرب السودان مدمغ بالأدلة والبيان؟ متى ستتحرك منظمات حقوق الإنسان بخطوات فعلية؟ متى سيتوب تجار الحرب ومضرمي نارها؟.. يا سادات العالم انتبهوا وافيقوا فالتآمر على السودان وإنسانه فاق الخيال، والموت بات الوسيلة الانجع في الحرب بالوكالة ليتكم تقطعوا دابر مأساتنا بوضع حد لفتتة الوكلاء ..متى ستعاقبوهم ؟ وإلى متى تستمرأؤن الكيل بمكيالين؟ وإلى متى سنسمع جعجعة دون أن نرى طحينا؟