انقسامات حادة بين قيادات الجيش السوداني وإقالات جماعية
رصد – نبض السودان
لاتزال الفوضى السياسية والأمنية هي العنوان الرئيسي لكل ما يدور على الساحة السياسية السودانية، وبين خلافات ضباط الجيش، وانقسامات القوى والأحزاب السياسية، والمبادرات الدولية، والوضع المأساوي الشعب السوداني، تبرز للواجهة قرارات جديدة لمجلس السيادة السوداني لتُظهر عمق الخلاف بين أبناء البيت الواحد من ضباط الجيش والقوى السياسية الأخرى.
وبحسب مراقبيين فإن أصل الخلاف يعود للانقسام بين داعمي الحركة الإسلامية وأنشطتها والرافضين لها، حيث لا تكاد الحركة الإسلامية في السودان تترك أي استحقاق سياسي أو عسكري إلا وتستغله في محاولة منها للوصول إلى سدّة الحكم.
في سياق متصل تصاعدت في الآونة الأخيرة الخلافات بين قادة الجيش السوداني، بسبب تنامي نفوذ الحركة الإسلامية داخل الجيش والتي تدعم البرهان. بالإضافة لظهور كتائب إسلامية متشددة تقاتل إلى جانب قوات الجيش مثل كتيبة “البراء بن مالك”. ومما زاد الأمر تعقيداً أيضاً ظهور مقاتلي تنظيم “داعش” الإرهابي في السودان أيضاً وانخراطهم في الصراع ضد مليشيا الدعم السريع حسب ما ذكرت “سكاي نيوز عربية” في وقت سابق.
أما على الصعيد الخارجي، فتمثلت سياسة البرهان بالتقرب من أيضاً من القوى الإسلامية والذي تجلى بإعادة العلاقات مع إيران واستجلاب الطائرات المسيرة منها. حيث أن دور الإسلاميين ذكّر السودانيين بزمن حكم الرئيس المعزول عمر حسن البشير ونظامه وسياسته، التي ثار ضدها الشعب السوداني برمته.
وفي محاولة منه لاحتواء الموقف، أصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الأربعاء الفائت، قراراً يقضي بإقالة وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وتكليف نائبه حسين عوض وكيل وزارة الخارجية لأداء مهامه، بالإضافة الى إقالة كل من ولاة كسلا والقضارف، في الوقت الذي لاتزال فيه الاشتباكات المسلحة على أشدها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مختلف مدن البلاد.
ووفقاً لمراقبين فإن علي الصادق هو ضحية محاولة البرهان التخفيف من نفوذ الإسلاميين في الدولة، حيث يعتبر من المسؤولين المحسوبين على الحركة الإسلامية، فهو من أنصار نظام الرئيس السابق عمر البشير، وأيضاً من المقربين من الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، والذي يمتلك تأثير كبير على القوات المسلحة السودانية، ولعب دوراً سلبياً في الصراع الدائر حالياً.
بدوره عارض شمس الدين الكباشي نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، أن يتدخل الإسلاميين في الصراع الدائر، وشدد على أن دخولهم خط المواجهة لجانب الجيش سوف يسيئ للمؤسسة العسكرية أكثر مما يفيدها، كما أن هدفهم العودة للسلطة. لذا يجب إبعادهم بشكل نهائي من المشهد، ومعاقبة كل الضباط المنتمين للحركة الإسلامية في حال ثبت تلقيهم تعليمات من خارج قيادة الجيش.
وحذر الكباشي في وقت سابق، من خطر انفلات “المقاومة الشعبية المسلحة” التي تعمل خارج إمرة قوات الجيش، مؤكداً على ضرورة منع استغلال معسكرات الجيش من قِبل أي حزب سياسي، برفع شعارات لا تعبّر عن قومية القوات المسلحة، في اشارة إلى تنظيم الإسلاميين من أنصار البشير.
وبحسب بعض الضباط والخبراء العسكريين، فإن انتشار ميليشيات مسلحة محسوبة على التيار الإسلامي يؤجّج الصراع ويمكن أن يؤدي إلى دخول البلاد في نفق مظلم يصعب الخروج منه. كما أنه يوجد رغبة شعبية شديدة بإبعاد الإسلاميين عن المقاومة الشعبية والصراع بشكل عام.
وانعكاساً لسياسات البرهان تصاعد الخلافات شرق السودان
في السياق ذاته، أضاف الخلاف بين مؤيدي أتباع الحركة الإسلامية والمناوئين لها انقسامات جديدة أضيفت إلى مشاكل شرق السودان الذي أساساً يعيش حالة من الانقسام، بسبب التسريبات حول خطط البرهان لاعتقال قيادات في البجا جاءت بعد إجراءه لتفاهمات إقليمية من أجل الحصول على الدعم العسكري مقابل السماح ببناء قواعد عسكرية على أراضي السودان .
وبحسب مصادر محلية سودانية، فإن إقالة والي كسلا جاءت نتيجة تصاعد خلافاته مع الناظر سيد محمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، وخاصة بعد لقائه بالبرهان، حيث أعلن الناظر ترك في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء الماضي رفضه تنفيذ أي قرار لوالي كسلا في مناطقه وايقافه أي تعاون مع حكومة الولاية داعياً الحكومة المركزية لإقالته فوراً. وهو ما عزاه كثير من المحللين إلى رغبة البرهان باستمالة الإسلاميين في مؤتمر البجا، وكسب تأييدهم له، لتنفيذ مخططاته مع بعض الجهات الإقليمية.
من جهته رفض الوالي المُقال محمد موسى خلال مؤتمر صحفي تدخل الإدارة الأهلية في الشأن التنفيذي والإداري في الولاية، حيث تعود الخلافات بين ترك المحسوب على الحركة الإسلامية، والوالي موسى إلى عدّة أسباب، أبرزها اتهام الناظر ترك الوالي موسى بالغطرسة، وعدم الوفاء بالعهد، وانتهاج ذات سياسة الوالي الأسبق آدم جماع.
وكان مجلس السيادة قد أصدر قراراً بإنهاء مهام واليي القضارف وكسلا الواقعتين شرقي البلاد، وتكليف اللواء محمد أحمد حسن بمهام والي القضارف الذي رفض في البداية، واللواء الصادق محمد الأزرق بمهام والي كسلا، ونشرت مواقع إعلامية محلية أنه جرى تكليف اللواء المتقاعد محمد العجب واليا على ولاية سنار، واللواء أمن متقاعد مبارك حسن واليا للولاية الشمالية.
وبحسب بعض الخبراء والمراقبين، فإن الظهور الإعلامي لبعض الجماعات الإسلامية وتنامي نفوذها وضع البرهان بموقف حرج، وأثر على السودان وجعلت بعض الدول تدير ظهرها له ولعبد الفتاح البرهان، كما أن هذه الإقالات هي مجرد محاولة من البرهان لـ”ترقيع” الحكومة المكلفة منذ أكثر من عامين.