القائد العام : «أصحاب المصلحة» هم الذين سيرسمون المشهد السياسي مستقبلًا
تقرير – محمد جمال قندول
منذ اندلاع الحرب، بات واضحًا أنّ الدولة تخوض حربًا ثلاثية الأبعاد (دبلوماسيةً، واقتصاديةً وعسكرية). الأضلاع الثلاثة، كانت محور حديث الرئيس البرهان في فاتحة المؤتمر الاقتصادي الأول، الذي نظمته وزارة المالية أمس في بورتسودان، حيث أشار البرهان للتحديات الاقتصادية الكبيرة التي أفرزتها الحرب من خلال ما تعرضت له بنية الدولة الاقتصادية من تدمير ممنهج، شمل كافة القطاعات الإنتاجية، والصناعية والزراعية، التي يعتمد عليها الاقتصاد السوداني بشكل أساسي.
البرهان وضع هذه التحديات أمام الخبراء والاقتصاديين، لإيجاد مقارباتٍ وحلول للإفرازات الاقتصادية للحرب، بما يمكن المواطن السوداني من التأقلم على الظروف وتوفير مقومات الحياة.
رئيس مجلس السيادة طاف على محاور عديدة بخطابه أمس، حيث تحدث عن المشهد العسكري، في حين بشر بقرب حسم التمرد، كما أكد أنّ الدولة لن تقبل أي وقف لإطلاق النار أو الدخول في عملية تفاوضية قبل خروج الميليشيا من المواقع التي دخلتها.
مجلس الأمن
أثنى الرئيس البرهان على الموقف الروسي داخل مجلس الأمن، مؤكدًا أنّ مشروع القرار البريطاني لم توافق عليه الحكومة، لاحتوائه على فقراتٍ تمس السيادة الوطنية والأمن القومي، مفندًا ادعاءات البعض بأنّ الحكومة كانت قد وافقت مسبقًا على مشروع القرار البريطاني.
وأشار البرهان إلى أنّ الوقت غير مناسب لابتدار أية عمليةٍ سياسية مع استمرار الحرب، حيث نبه إلى أنّ أصحاب المصلحة، هم الذين يرسمون المشهد السياسي مستقبلًا، وهم الذين دعموا القوات المسلحة ونصروها في (معركة الكرامة)، فيما أكد أنّه لا دور للمليشيا وداعميها بالمشهد السياسي مستقبلًا.
وشدد البرهان، على أنّ الحل يكمن في الداخل، داعيًا من وصفهم بمتسولي الحلول الخارجية بالعودة للبلاد والتوافق على حلٍ شامل.
في المقابل، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فضل الله رابح، أنّ حديث رئيس مجلس السيادة أمس في المؤتمر الاقتصادي، بعث بعدة رسائل وفي أكثر من بريدٍ، اشتملت على أجندة الحركة السياسية الداخلية والخارجية التي تتعلق بالشأن السوداني، بالتركيز على جلسة مجلس الأمن الدولي، التي استخدمت من خلالها روسيا (الفيتو) لأول مرةٍ في مواجهة قضية تتعلق بالشأن السوداني.
وأضاف رابح، أنّ البرهان لم يتوقف عند مشروع القرار وما يتضمنه من مهددات، لكنّه أشار مباشرة إلى موقف روسيا التاريخي في إنهاء الوصاية الدولية، مشيرًا إلى أنّ أبرز رسالةٍ كان حديثه عن عدم قبول الميليشيا ومعاونيها السياسيين في أي معادلة سياسية قادمة، وكأنّما أراد أن يقطع الطريق على الذين يحاولون إعادة إنتاج الميليشيا من خلال الدعوة إلى الحل السياسي والحوار كآلية لإنهاء الحرب.
إشاراتٍ اقتصادية
وفي خطابه، أشار رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة، إلى أنّ السودان يواجه تحدياتٍ اقتصاديةٍ بسبب الحرب التي قاربت العامين، وأنهكت الشعب السوداني وأفقرت جزءًا كبيرًا منه.
وأعرب البرهان عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصياتٍ قابلة للتنفيذ، تعمل على رفد موازنة الدولة للعام المقبل.
واحتضنت العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان أمس (الثلاثاء)، المؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب، الذي تنظمه وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
وحظي المؤتمر بحضورٍ رسميٍ كبير، حيث شهده وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم، وعددٍ من الوزراء ومديري المؤسسات والهيئات الاقتصادية، وسفراء الدول المعتمدين لدى السودان والمنظمات.
من جهته، قال الخبير والمحلل السياسي د. محمد الخليفة، إنّ خطاب البرهان للمؤتمر الاقتصادي الأول حول التعامل مع الحرب وتبعاتها الاقتصادية جاء سياسيًا بحتًا، حيث جدد تأكيد مضي القوات المسلحة في معركتها حتى النصر، حيث قال: (ولن تتفاوض أو نضع السلاح إلا بخروج ميليشيا الدعم السريع من منازل المواطنين، وفك الحصار على الفاشر، وتجميع كل قوات الميليشيا في معسكرات خارج المدن).
ويضيف محدّثي في معرض الطرح، قائلًا إنّ حديث الرئيس حوى إشاراتٍ ذات محمولٍ اقتصادي، منها: أنّ حل مشكلات السودان سيكون في الداخل ولن يفرض من الخارج، وهذا يعني أنّ السودان لن ينتظر معوناتٍ أو قروضٍ من الخارج لإصلاح اقتصاده في زمن الحرب بل سيعمد للاستفادة من موارده، وهذه رسالة لوزارة المالية والجهات الإيرادية والإنتاجية أن تقدم معالجاتٍ وأفكارٍ خارج الصندوق، للنهوض باقتصاد البلاد ومعالجة آثار الحرب المدمرة.
واعتبر د. محمد خليفة أنّ بشارة النصر التي أطلقها البرهان تعني أنّ على الاقتصاديين أن يعملوا لمرحلة ما بعد الحرب، وما يتعلق بها من إعادة الإعمار، وتشجيع الاستثمار في الولايات الآمنة، وزيادة رقعة البنية التحتية من طرقٍ ومطاراتٍ، ودخول أصدقاء جُددًا في المجالات ذات الميزات النسبية للسودان مثل: (تعدين الذهب، والزراعة، والصناعة وغيرها).
وفي خطابه، قدم البرهان التحايا للقائمين على أمر القطاع الخاص، الذين بذلوا الجهد لضخ الدم في شرايين الاقتصاد الوطني، كما أثنى على أصدقاء وأشقاء السودان من الدول الشقيقة والصديقة، ووكالات الأمم المتحدة الذين وقفوا بجانب الشعب في هذه الأزمة التي يعيشها.
كما بعث بالتحايا للمقاتلين في صفوف القوات المسلحة، والقوات النظامية الأخرى، والقوات المشتركة، والمقاومة الشعبية والمستنفرين، الذين لقنوا العدو دروسًا في البسالة والشجاعة بمدينة الفاشر، وبابنوسة وكافة محاور القتال.