رؤى ومحطات – حرب الإستنزاف وسياسة شد الاطراف – خالد قمرالدين
___________
ـ تبدو المليشيا المتمردة في أسوأ حالاتها .. تقاتل بلا ضابط ولا رابط .. لا قيادة ولا إتصالات ولا فزع .. كما كان الأمر عليه في بداية الحرب .. عصابات هنا وهناك هائمة على وجوهها .. إرتبطت بإرتكاب الفظائع اينما حلت .. مما جلب لها كراهية اهل البلاد اينما ذهبت .. بدليل الهروب الجماعي الى مناطق سيطرة الجيش
ـ كل ما إرتكبته المليشيا من جرائم ولا زالت بعد محاولة الهالك حميدتي السيطرة على حكم البلاد بالقوة .. لم يكن وليد هذه الفترة المشؤومة .. هي عادات قديمة كانت تتم في أمصار السودان خاصة الغربي منه تحت ستار القتال القبلي .. إذ كانت تُنهب الاشياء من المنازل .. إبتداءاً من شرائح الطاقة الشمسية الـ solar .. والزنك والطوب الاحمر الذي يقتلع من المباني إقتلاعا .. فضلا عن كل شيئ حتى البهائم .. في ظاهرة متعارفة لديهم بإسم (أنبُش) .. وتباع هذه المسروقات في اسواق مشهورة ومعروفة في تلك النواحي .. مما يعني أن اسواق دقلو هي تطوير لتلك الاسواق ونقلها من حواضنها الى مناطق اخرى بما فيها العاصمة ليس إلا
ـ الجديد فيما بعد هو تدفق المرتزقة من دول الجوار .. وبأعداد كبيرة .. ولا يختلف هؤلاء عن اولئك كثيرا .. لانهم في الغالب ابناء عمومتهم من العطاوة .. تجمع بينهم صفاتهم الذميمة التي تتيح لهم العمل بجانب بعضهم البعض .. وفي ذلك تبعهم الكثير من ضعاف النفوس واصحاب السوابق من الداخل .. ومن تجمع بينهم مشتركات الصفات كأبو عاقلة كيكل من البطانة .. والهالك البيشي الذي قُتل في رحلة هروبه الشهيرة. .. والهارب الى نيالا ابو شوتال
ـ هروب قادة المليشيا عموما .. ابتداءا بعبد الرحيم دقلو مرورا بالمذكورين اعلاه وغيرهم ممن لم يُسمع لهم صوت بعد ما كانوا ملئ الفيه كالمتمرد سفيان محمد زين بريمة .. لم يكن تبادل ادوار او تكتيك حربي وإنما هروب للنجاة بأنفسهم من ارض المعركة .. من الخرطوم و من وسط السودان الذي ضاق عليهم بما رحب .. هذا يقودنا مباشرة الى مقولة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش فريق اول عبدالفتاح البرهان (الحفر بالإبرة) بكل ما تعنيه الجملة من سياسة النفس الطويل وحرب الإستنزاف .. مقابل إعداد القوة وسياسة شد الاطراف الذي بدأ يأتي اُكله .. و توجه الحرب الى حيث حواضن المليشيا ومراتع صبا الجنجويد .. هذا التوجه القبلي الطبيعي الذي يأتي كلما ضعفت المليشيا وتضعضعت قواها مما يعني أن النهاية القريبة تكون حيث البداية المريبة .. بداية التحشيد وشراء الذمم
ـ بات جليا ان المليشيا تنطلق بسرعة كبيرة نحو النهاية الحتمية .. خاصة بعد محاولة حصارها الفاشر ورميها بقذائف المدفعية .. ولأن المليشيا لم تقرأ .. وليس لها علاقة بالتاريخ الذي ارادت دخوله عبر بوابة الدعم السريع بإنقلاب فاشل وإستباحة دماء واعراض واموال الشعب السوداني .. لم تدرك أن ضمن القاب الفاشر (أدّاب العاصي) .. ولأنهم بُغاة وعُصاة .. كان من الواجب تأديبهم .. وكان لابد من إجتماع الرماح (الفاشر والشعب والجيش والمشتركة والاجهزة الامنية الاخرى) عليهم .. ليتأدبوا .. وليعلموا أيِّ منقلب ينقلبون .. بدليل الضربات الموجعة .. و المعارك القاصمة لظهرهم في الفاشر ومدو والصياح وغيرها .. وهلاك الكثير من قادتهم كعلي يعقوب وشقيقه وشطة وغيرهم
ـ قال الزميل الكاتب عبد العزيز بركة ساكن ( أهون للجمل أن يلج من ثقب إبرة من أن يدخل جنجويد ملكوت الله)
واقول
(أهون للجمل أن يلج من ثقب إبرة من أن يدخل جنجويد الفاشر )
(أهون للجمل أن يلج من ثقب إبرة من أن يحكم جنجويد السودان) .