الإمارات تفند رواية السودان وتكشف خدعة استهداف مقر بعثتها الدبلوماسية في الخرطوم
عثمان محي الدين
في تطور جديد يعكس عمق التوترات بين الإمارات والسودان على خلفية النزاع المسلح في البلاد، أعلنت دولة الإمارات عن امتلاكها أدلة دامغة تكشف خدعة الجيش السوداني بشأن استهداف مقر بعثتها الدبلوماسية في الخرطوم. هذه الحادثة التي كانت محور اهتمام الأوساط السياسية والدبلوماسية جاءت بعد أن اتهمت الإمارات القوات المسلحة السودانية بقصف مباشر لمبنى البعثة، وهو ما نفت الحكومة السودانية وقوعه، معتبرةً أن المبنى لم يتعرض لأي أضرار.
في بداية الأمر، حاولت الحكومة السودانية والجيش، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، نفي أي صلة لهم بالهجوم الذي طال مقر البعثة الدبلوماسية الإماراتية في الخرطوم. وصرحت الخارجية السودانية بأن المبنى آمن ولم يتعرض لأي استهداف مباشر. إلا أن دولة الإمارات، على لسان سعادة سالم سعيد غافان الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، خرجت بتصريحات قوية تؤكد أن الجيش السوداني هو المسؤول عن القصف، وتكشف زيف الادعاءات السودانية.
الإمارات لم تتوقف عند التصريحات، بل قدمت صوراً وفيديوهات تثبت بالدليل القاطع تعرض المقر الدبلوماسي لأضرار كبيرة نتيجة القصف المباشر. وأكد الجابري أن هذه الأدلة تكشف “خدعة الجيش السوداني” الذي سعى للتملص من المسؤولية وإخفاء الحقيقة عن المجتمع الدولي.
في خضم هذا النزاع، أصبح الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، في قلب العاصفة بعد هذه الاتهامات الإماراتية. الأدلة التي قدمتها الإمارات، وفقاً للجابري، لا تدع مجالاً للشك في أن المبنى الدبلوماسي تعرض لاستهداف عسكري مباشر، وهو ما يضع البرهان في مواجهة حقيقة صعبة.
البرهان والجيش السوداني سعيا إلى تقليل حجم الحادثة والتأكيد على أن المبنى لم يُستهدف بشكل مباشر، إلا أن الإمارات، بدعم من الأدلة الملموسة، أسقطت هذه الرواية. حيث تم نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها على منصة “السودان حديثاً”، والتي تظهر بوضوح آثار القصف الذي طال محيط المبنى الدبلوماسي، مما يفند بشكل قاطع المزاعم السودانية التي حاولت التقليل من حجم الحادثة أو نفيها.
في الداخل السوداني، تسببت هذه الحادثة في إثارة جدل واسع حول مصداقية الجيش السوداني وحكومة البرهان. فالمواطن السوداني يجد نفسه أمام أزمة داخلية تتفاقم يوماً بعد يوم، مع استمرار الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، والآن يضاف إلى ذلك أزمة جديدة تتعلق بالانتهاكات ضد المباني الدبلوماسية التي يجب أن تكون محمية بموجب القانون الدولي.
على الصعيد الدولي، يعتبر هذا الهجوم على مقر بعثة دبلوماسية انتهاكاً صارخاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تحمي حصانة البعثات الدبلوماسية وتلزم الدول المضيفة بضمان سلامتها. هذا النوع من الخروقات لا يمر دون ردود أفعال، ومن المتوقع أن يواجه السودان ضغوطاً دولية متزايدة في هذا الإطار، حيث تسعى الإمارات مع شركائها الدوليين إلى محاسبة المسؤولين عن هذا الاستهداف.
رغم الحادثة الأخيرة، فإن دولة الإمارات أكدت أنها ملتزمة بالعمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان. سالم الجابري أشار إلى أن الإمارات لن تدع مثل هذه الحوادث تعرقل جهودها المستمرة مع الشركاء الدوليين لوضع حد للصراع السوداني المستمر. وأكد أن الإمارات تسعى إلى دعم الشعب السوداني في مواجهة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها بسبب النزاع المسلح.
الجهود الإماراتية، رغم الاستفزازات والمخاطر التي تتعرض لها بعثاتها الدبلوماسية، لا تزال تركز على البحث عن حل سلمي للأزمة. الإمارات ترى في الحل السياسي والدبلوماسي الطريق الأمثل لإنهاء النزاع، وهي تعمل بشكل مكثف على تنسيق الجهود الدولية لتحقيق هذا الهدف، رغم التحديات التي تفرضها الخروقات المستمرة من قبل الأطراف المتنازعة في السودان.
حادثة استهداف مقر البعثة الدبلوماسية الإماراتية في الخرطوم ليست مجرد واقعة معزولة، بل تمثل جزءاً من تعقيدات النزاع السوداني المستمر. خدعة الجيش السوداني التي حاول من خلالها التملص من المسؤولية انكشفت بفضل الأدلة التي قدمتها الإمارات، ما يزيد من الضغط على البرهان وحكومته. هذه الحادثة تسلط الضوء على التحديات التي تواجه السودان في الوقت الحالي، سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، وتكشف مدى تعقيد الصراع القائم في البلاد.
لمن يرغب في تعميق فهمه حول تأثيرات النزاعات المسلحة على العلاقات الدبلوماسية، يمكن الاطلاع على أبحاث تتناول دور القانون الدولي في حماية البعثات الدبلوماسية أثناء النزاعات، مثل دراسة “الالتزامات الدبلوماسية في النزاعات المسلحة: دراسة فيينا لعام 1961” المتاحة عبر العديد من منصات الأبحاث القانونية.