«السعودية والسودان» في زمن الغربان – عماد السنوسي
__________________
منذ اندلاع الحرب في السودان وما تبعها من أزمة إنسانية دفعت الاف السودانيين للنزوح سواء داخل السودان أو اللجوء لدول الجوار، كان الموقف السعودي هو الأكثر وضوحا في كل المواقف الدولية تجاه الوضع بل ربما لا نبالغ إن قلنا أن موقف الرياض كان الأكثر جدية وتحملا للمسؤولية من عموم المنظمات الأممية والدولية.
ورغم تعرض سفارتها وقنصليتها للهجوم في الأيام الأولي للحرب ألا إن ذلك لم يمنعها من القيام بدورها في محاولة وقف الحرب وإنهاء الصراع المسلح حفاظا على بقاء الدولة السودانية وحماية لشعبها من صراع أحرق الأخضر واليابس.
تحرك المملكة كان سريعا، وسعت جاهدة بكل وسعها لاحتواء الحرب عبر التفاوض حرصاً منها على امن وإستقرار السودان والحفاظ على مقدراته، وقادت اولى المبادرات على المستوى الدولي والإقليمي بعد أيام قليلة من اندلاع الصراع، وقدمت الدعوة لطرفي النزاع في السودان للتفاوض في منبر جدة ووقع الطرفان على إعلان مبادئ جدة في 11 مايو 2023.
بجانب منبر جدة، قدمت المملكة كافة اشكال الدعم الإغاثي والإنسائي للشعب السوداني، حيث دعمت المستشفيات وانقذت المرضى والمصابين من جراء العمليات الحربية بالدواء، ووفرت الغذاء والمواد الإغاثية للنازحين بالمعسكرات، والعالقين بين ضربات الأطراف المتحاربة.
وعلى عكس الكثير من الدول، سعت المملكة لتبني سياسة شفافة واضحة تجاه الأوضاع بالسودان وذلك إنطلاقا من سياستها القائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخري ولم نري أو نسمع منذ إندلاع الحرب أن قامت المملكة بإستغلال الوضع وتوقيع اتفاق مع الحكومة السودانية يمنحها إمتياز أو حق استغلال ثروات السودان أو السيطرة على أحد منافذه البحرية أو الموانىء أو غيرها، بل على العكس، كان الدعم السعودي المقدم للسودان هو الاكبر من حيث النوع الحجم على المستوى الدولي والإقليمي بل فاق حتى دعم منظمات الامم المتحدة والمنظمات الدولية.
ورغم هذه المواقف ” القوية” من المملكة وسفيرها المحترم علي بن حسن جعفر تجاه السودان وشعبها ألا إن بعض السودانيين ممن يبدو أن هناك أياد خفية أو قوي إقليمية تحركهم بدأوا منذ أيام هجوما على المملكة ومحاولة تشويه مواقفها ربما ذلك لإرضاء بعض الدول الإقليمية.
الغريب في الأمر، أن محاولة تشويه السعودية ومواقفها النبيلة في السودان، جاءت بعد أيام من قيام مندوب السودان بالأمم المتحدة بفضح ممارسات دول اقليمية وتورطها في الصراع المسلح بالسودان عبر دعم الميليشيا المتمردة وهو الأمر الذي يثير تساؤلات عن سر التوقيت ومدى علاقته بهذه الدول المعروفة بعلاقاتها بسيطرتها على نشطاء ومؤثرين من أجل الترويج لسياساتها بالمنطقة.
كما إن الهجوم على السعودية من جانب بعض النشطاء بالسودان، يأتي بعد أيام من محاولة البعض تحميل المملكة مسؤولية وفاة مئات الحجاج المخالفين لنظام الحج وهو الرأي الذي تتبناه بعض القوي بالمنطقة لخدمة مصالحها ومحاولة تشويه جهود المملكة في خدمة حجاج بيت الله الحرام على مدار قرون.
ويبقي السؤال، هل ما يثيره هؤلاء النشطاء السودانيين من إساءة للملكة العربية السعودية وسفيرها يخدم مصلحة السودان وشعبها، وماذا لو انسحبت المملكة وأوقفت دعمها للسودان ردا على هذه الإساءات الغير مقبولة لقاداتها، هل هذا الهجوم ينطلق من دافع وطني أم مدفوع من دول إقليمية لتصفية حساباتها مع المملكة عبر تشويه سياساتها..
ختاما..ستبقي السعودية هى الأخ والشقيق للسودان دولة وشعب، وسيقي شعبها وقادتها كراما أعزاء على قلوب السودانيين الذي لا ينسون فضل، ولا ينكرون معروفا خاصة في ظل الشدة التي تمر بها البلاد، ومهما نعق الغربان فلن يغيروا واقعا أو يبدلوا حقيقة أو يطفئوا نورا وصدق الله حين يقول ” يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32-33].