الأسرى: محاولة «المليشيا» ستر عورتها في «ود دالنُورة»
بقلم – إبتسام الشيخ
أطلقت المليشيا أمس عددا من الأسرى فاق الخمسمائة من قوات الشرطة ، لم يكونوا من المنخرطين في صفوف المقاتلين مع القوات المسلحة ، أي أنهم ليسوا بأسرى حرب كما تدعي المليشيا ، إنما هؤلاء مخطوفون ومعتقلون إعتقالا غير مشروع يستدعي المسائلة والمحاسبة القانونية ،
وهل ثمة مساومات تمت أو فدية دُفعت من قبل أهاليهم ؟
جاءت تلك الخُطوة في محاولة من المليشيا لستر عورتها بإعادة ولو جزء من الغطاء الذي نزعته عن نفسها منذ بداية الحرب اللعينة ،
تعرت المليشيا تماما أمام الشعب السوداني أيُما تعري حين قتلت ونهبت وأنتهكت العروض في الخرطوم ،
ودفنت الرجال أحياء وأحرقت الأطفال في الجنية ،
وقتلت وشردت الآلآف في الفاشر رئاسة سلطنة دارفور ،
ومحت أُسرا بأكملها من الوجود في ود الُنورة بالجزيرة ،
لا شيئ يعيد الغطاء مهما فعلت فقد رُفعت الأقلام وجفت الصحف ،
الموقف الشجاع الذي أظهره الأهل بقرية ود النٌُورة كان صفعة قوية ورسالة واضحة للمليشيا ،
لم يجزعوا ولم يطردوا البرهان ويلعنوا جيشهم كما كانت المليشيا تنتظر ،
إنما في نخوة تُشبه رجال الجزيرة طالبوا بتوفير السلاح لهم ،
نعم هكذا عبروا عنها ( لا يهمنا الموت فقط امدونا بالسلاح )
قالوها رغم أحاسيس الخذلان و المرارات ،
موقف الأهل بالجزيرة واضح ، أنهم صامدون ولن يبرحوا قراهم ،
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين المتحركات التي كنت قد أعلنت عن الشروع في تجهيزها ياقائد جيشنا حين تم إجتياح الجزيرة في ديسمبر من العام الماضي ؟؟،
لو أنك ياسيادة القائد تعكف على صنع جيش جديد لكان قد إنتهى إعدادُه وأصبح أفرادُه مقاتلين أشداء ،
مايلحظه المراقب أنه كلما تأخرت القيادة في الحسم كلما تمددت المليشيا وأستباحت المدن والقرى والفرقان ،
لا يبدو منطقيا ولا موضوعيا أن تبذُل قيادتُنا الوعود بتحرير الأجزاء المستباحة من قبل المليشيا بينما هي تتمدد والمواطنون ينزحون ، كما يحدث الآن في الفاشر وبعض أجزاء من الجزيرة ،
فهل سيأتي جيشُنا فاتحا ليحرر الأطلال ؟
لاخيار للسودانين سوى دعم جيشهم ، وقد قلناها من قبل(الجيش جيش السودان ) ، سيذهب كل هؤلاء القادة وسيبقى جيش البلاد ،
لكن هنالك مايمكن تجاوزه وهنالك مالا يقبل العذر ولا المغفرة ،
فأن يُهزم الجيش في معركة هو أمر عادي فالمعارك غالبُ ومغلوب ،
وكان قد هزُم جيش الرسول عليه الصلاة والسلام ،
لكن أن تتأخر القيادة في الحسم وتجيئ الهزائم والنكبات نتيجة نظرة قاصرة أو تقديرات خاطئة ، أو يُهزم جيشنا في معركة نتيجة إهمال فهذا ما لا عذر له ،
المرارات التي تجرعها السودانيون في ماحدث من قبل بالأبيض وبمصفاة الجيلي وببعض الكمائن التي يقع فيها الجيش بالخرطوم كما شهدنا بأنفسنا في ام درمان في منطقة الصالحة في مايو من العام ٢٠٢٣ ،
إهمال راح ضحيته شباب من خيرة منسوبي جيشنا ،
مرارات تدمي القلوب وتبعث على القنع ، لكن السودانيون لم يفعلوها ،
فلا تزال الفاشر صامدة تقود المعارك فيها قواتُنا المكونة من الجيش والحركات المسلحة ،
والفاشر تصمد كما الجزيرة بعزيمة أهلها ،
علمنا من مصادر ثقة بأن مايقارب الألفي عنصر من الجيش التشادي من أبناء قبيلة الزغاوة من أصول سودانية قد خلعوا كاكي الجيش التشادي وأعلنوا أنهم مخالفين وحضروا إلى الفاشر لإسناد إخوتهم ،
ورغم مايعكسه هذا المسلك من عنصرية أصبحت سمة للسودانيين عامة ، إلا أن لسان الحال ( كل زول يسوي قدرتو للدفاع عن أهله ومنطقته حتى على نطاق الإقليم الجغرافي الواحد ) ،
فزع السودانين وإجتهادهم في التعبئة والإستنفار يحتاج أن يستصحب معه وعيا وطنيا عميقا يُجًذر ويُعًمق اللُحمة بين أبناء الوطن الواحد وليس المنطقة أو القبيلة ،
وهو فهم لو ساد بين السودانين لكانت قد حُسمت الحرب ودُحرت المليشيا بالفزع القومي .
وهذه بعض أماني مشروعة
حفظ الله البلاد والعباد