مقالات الرأي

الكباشى بين مالى والنيجر – قصة وفد سودانى فى المسجد

بقلم – عاصم البلال الطيب

السرية والعلنية

لا أحد يستطيع الجزم وصفا لزيارة الفريق اول ركن شمس الدين الكباشى للنيجر ومالى بأنها الأولى منذ الخروج من مسارح العمليات بالقيادة العامة للعاصمة المركزية حتى حينا مجهولا ، فكم من جدال ونزال يشب بين كر وفر حول زيارات غير معلنة لهذا القيادى أو ذاك دون تأكيد صريح او نفى ، والإعلام والصحافة كسائر بنيات الدولة ومرتكزاتها تتأثر بالحرب وأداؤهما قبلها وإن لم يكن مرضيا أفضل بعلاته من الراهن المتاح ، الإنتقال لمربع الصناعة والإبتعاد عن الصياغة صحفيا وإعلاميا فن يحتاج لإلتفاتة ليعين على إدارة الدولة ، الزيارات فيها السر وفيها الجهر وان كان الأول مستبعد فى مجاهل أفريقيا التى لا يخفى فيها شيئا ، ثم لا أسباب ترقى لوصف زيارة سرية سابقة أولى غير المعلنة للفريق أول ركن الكباشى للدولتين ، والإفتراض هنا للإشارة لأهمية الزيارة وإبداء الإستعجاب لتأخرها ، وأكثر الأسماء تردادا غير البرهان وحميدتى وكباشى والعطا ، فى آذان الدنيا والعالمين منذ وقوع الحرب ضد الدولة والمواطن، دولتا النيجر ومالى لإمتداد قدرى وإرتباط وثيق بالسودان ولصيق بأحداث الحرب ، تسرب خبيث لا يعبر عنهما يبلغ الأحياء والبيوتات السودانية المشفشفة ، كلمات ومصطلحات حرب تستحق تجميعا و قاموسا لدراسى هذه المصيبة لتفادى وقوعها فوق رأس جيل طفولته وشبابيته هاهى مهدرة ، و ثقافتنا عن الدولتين أضعف إلا من بعض مهتم بدراسة التاريخ وأثره على المستقبل وآخر على تواصل بالرحمية او محبة التجوال للإسترزاق ، والإسترزاق ليس كله حميد ، وجماهير كرة قدمنا الأعرف بهاتين الدولتين دون الآخرين ، تلتقى فرقنا أندادها فى التصفيات التمهيدية الأفريقية وغالبا تتجاوزها وتترقى للدور التالى على حسابها ، أما على صعيد المنتخبات الوطنية ويا للمفارقة، التفوق مع مضى السنوات لمنتخبى مالى عينا والنيجر بفضل الإحتراف إجتهادا . وعلى ذكر المنتخب هل يفعلها ويتأهل لتصفيات كأس العالم والآن بعيدا عن إهتمامنا يتصدر وهذا أدعى للدعم والمساندة ، فالظهور فى المونديال يستحق اقله بذل الشكر لمن يوفرون الدعم على غرار ثناء رئيس الإتحاد العام للسعودية.

قواسم مشتركة

وبيننا مالى والنيجر قواسم مشتركة تغمر كل مظاهر سالبة جراء حرب ليس لهما فيها يد ، فكما نعانى من ضبط تفلتات ، ونهوض و ومرور جماعات ، يعانون ، ولولا الحدود المخروبة والمقدودة وغياب التواصل المضبوط لضعف التنسيق والفشل فى الإعمار على خطوط التماس ، لتشكلت جبهات وكتلات كبرى عصية على الإختراق ، ابرزها ، البحث عن صيغة للحكم مفضية للإستقرار ولمفارقة الإستعباد ولمناهضة حكم القوى على الضعيف بصنع يديه ، وإستبعاد لاعبين دوليين عن ميادينها الثلاثة بالأصالة والوكالة والعمالة ، وللسودانيين وجود بعيد وعميق فى مالى والنيجر ، ويقطع الخبير والبروف أحمد صباح الخير فى محاضرة تحت عنونة عرب الشتات ، بعلاقات ازلية تاريخية بين شعوب منطقة الصحراء والساحل ، ويقسم البروف بصلات رحمية بين مختلف سكان الدول المعنية بحركة ونشاط عربان الشتات ، هذا غير ، إمتداد مع دول أخرى بالقارة ، ويشير صباح الخير لإسم سودانى مهم فى كابينة قيادة النظام الأوغندى الحاكم فى عهد الجنرال عيدى أمين ، إلق نظرة لإسم الجنرال الشهير وجمعه بين الضدين ، ويمضى أبعد البروف بقصة واقعية لوفد سودانى ، بإحدى دولتى زيارة الكباشى ولعلها النيجر ، الوفد ذات صلة بالتنقيب فى التداخل السكانى ، و يؤكد لو سودانى سافر إلى هناك منقبا للقى قريبا لحما ودما ، وللسودانيين مكانة خاصة فى نفوس أبناء هذه الدول ويكنون لهم محبة لا ينبغي أن يهزها خروج مرتزقة من نواحيها او من يين بعض مكوناتها الإنسانية ، فالملائكية ليست من صفات رقاع وملل بشرية ، ويروى البروف تدليلا ، أن الوفد دخل أحد مساجد النيجر لأداء فريضة الصلاة قصرا ، وعند الخروج لم يعثر الأعضاء على أحذيتهم ولدهشتهم فقد تم أخذها لتلميعها إكراما للوفادة السودانية ، تاريخ حقيق بالمدارسة بعيدا عن الهتافية والجاهلية التاريخية ، ملفات وملفات امام الكباشى للخوض فيها مستعينا بالخبراء ، و الحرب ضدنا وإفرازاتها نتاج لإهمال حقائق تاريخية وتجاهلها فى محيطنا الأفريقى.

الجنون والوهم

ولم يكن مجنونا ، ولا موهوما ، العقيد الليبى الراحل معمر القذافى ، بدعوته لتأسيس تجمع دول الساحل والصحراء ، عليما بالتداخل والتقاطع السكانى ملما بمخاطر التباعد ونشوء حركات تلقاءً وأخرى تصنع إستخباريا ، وكما أجهزة المخابرات تبدو الأكثر وعيا وإدراكا بالنزوع لتأسيس أجسام تكتلية لدرء المخاطر المشتركة والتصدى باكرا للمهددات خشية الإنتقال من محطات التفكير والتدبير للتنفيذ مثل الجارى الآن فى فجاج أرضين بلاد السودان . وتأسيسا على المتواتر ، تأخرت زيارة الفريق اول ركن شمس الدين الكباشى لدولتى مالى والنيجر لأسباب لا نعلمها وعلينا التعامل مع ظاهر الأمور ومحدثاتها، وليس بالغائب على قيادة القوات المسلحة ، اهمية وصول أكثر دولتين يرد ذكرهما فى الحرب ضد السودان ليس كمشاركين رسميا ولكن حاضنتين لمكونات عابرة او مقيمة تشارك فى الحرب ضدنا بعيدا عن بعض أعين القائمين على الأمر وكذلك إستغلالا لحالات عدم الإستقرار الشائعة بالقارة ، ولربما التواصل غير المباشر والتهاتف ينيبان فى الظروف المعقدة المحيطة بالبلدان الثلاثة والقارة والإقليم والعالم ، حتى تتهيأ الظروف لزيارة بالدرب ، مبرر تأخر و تعثر زيارة الكباشى والحرب فى شهورها الأولى وإحدى الدولتين ، النيجر ، تمر بتغيير دراماتيكى يمكن قواتها المسلحة من تشكيل حلف عسكرى متكامل يفلح حتى اللحظة فى إحداث الفارق ويمهد للتغيير النوعى المنشود وبالشعبوية مسنود ، ويسهل من مهمة زيارة الكباشى للتعامل مع الراهن الشاخص شيطانا ومن ثم الإنتقال بالعلاقات لرحاب الإستفادة من القواسم المشتركة.

رويدا رويدا

الفريق أول ركن شمس الدين الكباشى ، يتوافر على رصيد كافٍ من الخبرات ، و مخول بالمهام الرسمية للتقرير وفقا لسياسة تقدير الموقف ، ومفوض بصفتيه الرفيعتين نائب للقائد العام وعضوا بمجلس السيادة ، و ومسنود بتجارب عريكة فى المؤسسة العسكرية ، غير دخوله لأشرس الحلبات السياسية لقيادة الفترة الإنتقالية الأصعب والتى بعدها يبقى السودان أو يفنى بهيئته المعهودة ، أجندات الزيارة بطبيعة الحال لا تخرج عن قضايا ومصاعب الساعة الراهنة والحرب المشعلة ضد السودان ومدعومة بما يكفى لإطالة أمدها واتساع دوائر خرابها ودمارها ، ويفصح الفريق أول ركن الكباشى بعد العودة رويدا رويدا عن مخرجات الزيارة بالتفصيل فى ما رشح مجملا وجهرا وبالإماطة عما لثم لضرورة واخرى . وإدارة مصائر الشعوب تتعقد فى عالم اليوم ، لإشتداد الصراع حول الثروات والموارد ، ويعين الكباشى فى زيارته للبلدين المهمين ، روح قيادة إفريقية جديدة منتفضة تنشد خير الشعب الأسمر ، و تدرك أهمية الأمن والإستقرار فى السودان المنكوب ، وما ينشده الفريق الكباشى من زيارة البلدين ، أكبر من تباحث على أهميته ، فى المنهوبات المتدفقة العابرة الحدود مالا حراما وقد كان حلالا لدى أصحابه وليس فيه من غنيمة الحرب شيئا ، بحث رد الحقوق المادية مطلوب لرمزيته ولبلوغ رسائل فى صناديق بريد كل من يفكر فى العبث بمقدرات ومكتسبات الناس لمجرد التوافر على سلاح فى مسرح عبثى وفوضوى ، و فيه تذكرة عن تضامن القيادات والشعوب ، لتكون لفعله بالمرصاد ، ولئن نجا من محطة لا محالة سيقع فى الأخرى.

مغلق المفاتيح

وإتجاه السودان افريقيا غربا مطلوب بشدة ، مغلق هو لمفاتيح ابواب لاغنى عن الدخول عبرها للقارة السمراء ، وللإنفتاح على العالم الخارجى برؤية مختلفة ، فلنبدأ افريقيا وبالسعى الجاد للعودة لأحضان الإتحاد ومن ثم الإشتراك فى برنامج للإصلاح الشامل لكل إعوجاج أفريقى ، ومبتدانا من بيتنا السودانى المتداعى ، وقارتنا محط انظار لإغتنائها بالثروات والموارد الطبيعية والبشرية ، المستقبل باتفاق مراكز الدراسات والتنبوءات ، افريقى الملامح والقسمات ، ولا يفوت على فطنة الفريق الكباشى ضرورة الأخذ بنواصى الحلول الكلية للمحنة السودانية ، إيقاف الحرب يشغل بال نائب القائد العام للجيش وكل رفاقه ابناء المؤسسات العسكرية والأمنية ، ولا شك يغمهم سقوط الشهداء نظاميين ومدنيين ويعلمون جم المخاطر بين كر الحرب وفرها المحتومين ، واتساع رقاع حرب السودان يرشحها لبلوغ الدولتين لا محالة وعبور الحدود لتبلغ الأقاصى قبل الأدانى ، وزيارة الكباشى للدولتين لو انقطع بعدها بعض المدد المطيل للحرب ضد دولتنا ووجودها من وراء الكواليس لكفاها وصفا بالناجحة ، وحصد ثمار الإنفتاح غربا ، يتطلب إتصالا للمساعى وصبرا ومعالجات داخلية جذرية فى المشهد ، ومراجعات حقيقية لأسباب تطاول أمد الحرب وبلوغها درك المجازر والإبادة الجماعية ، ولينهض الواقع المحزن ، ود النورة وود الجترا بالجزيرة مثالا لا حصرا ، حجة لإيقاف السياسات والخطط فى مختلف صعد التعامل مع الأزمة ، فما تطول إلا بها ، الطرق على الإيجابيات لرفع المعنويات محمود لكن يجب أن يترافق مع نظرات جادات ووقفات فى مواطن الخلل والفشل ، ترتيب البيت من الداخل بعقل وروية ، يسهم فى قطف ثمار زيارة الكباشى المفصلية بالتأسيس لعلاقات خارجية أفريقية مبنية على المصالح وإثبات الذات والسعى لإعلاء الكعب بصدق التعاون ، نحتاج للعلاقات الخارجية مع القرباء بلا سقوف ومع الغرباء بتوازن و بذات قدر الإحتياج ، تقديم أوراق التعاون يجب أن يتزامن مع التلويح باوراق الضغط والكروت الرابحة التى نتوافر عليها ، الفرص الواسعة التى بين ايدينا ، نبذلها لمن يخلص ويعى قدرتنا على التأثير سلبا وإيجابا فى ملفاته الداخلية ، ولبلوغ هذه المرحلة يجب الإلتفاف حول أجهزة الدولة القائمة وعلى رأسها القوات المسلحة وسائر الأجهزة والمؤسسات ودعم توجهات القيادة لبسط الحلول بواقعية والتواصل مع الخارج بمثل زيارتى الكباشى المتأخرتين بحسابات وتقديرات ، نلقى بالآراء ولسنا فى البر وأيدينا فى النار ومصائرنا دون اللجوء لحلول واقعية وممكنة تظل مجهولة وغدنا لن يكون مبشرا وفرجنا هو حالنا اليوم بين نزوح ولجوء كما يحدثنى صديقى من فرط خشيته من إنسداد الأفق ، وقد تغير زيارة الكباشى لمالى والنيجر نظرته من التشاؤم للتفاؤل المهم وقت الشدة ، تكتمل أركان الزيارة ، بالعمل بتنسيق وانسجام داخلى يبرق بالآمال ويحييها فى النفوس.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى