مقالات الرأي

أحرف حرة – إبتسام الشيخ – وزارة الداخلية: الرقم الصعب في التوقيت الأصعب

_____________

حسنا فعلت وزارة الداخلية بأن خصصت منبرها الإعلامي الدوري الثاني لهيئة الجوازات والسجل المدني ، إذ ألقت الضوء على العديد من النقاط المتعلقة بالجوازات والسجل وأجابت على أسئلة تشغل أذهان المواطنين وأوضحت مسائل ربما كانت باعثا لسخط البعض على الوزارة خاصة الجوازات ،
لا شك في أن وزارة الداخلية أنجزت في ظروف عصيبة و معقدة ، ولو توقفنا فقط عند إستعادة منظومة بيانات السجل المدني لكفى ،
وأعتقد أن الشعب السوداني بأكمله ممتن للشرطة السودانية ممثلة في الفريق الذي غامر وخاض نيران المليشيا متسللا عبر البحر لقرابة ثلاث ساعات من الزمن وأفرادها متواجدون داخل وزارة الداخلية ، لعمري هي تضحية فريدة تُشبه الشرطة السودانية ، لجميع منسوبيها منا التقدير والثناء ( ولا أجد حرجا في أن أُعطي نفسي حق الفخر والثناء بلا سقف لأنني من صلب رجل بوليس ، أفنى سبعة وثلاثين عاما من عمره في خدمة الوطن من خلال إنتسابه للشرطة ونال من الأوسمة ما لا عد له ) ،
التحية والتقدير والثناء لجميع منسوبي الشرطة السودانية وهم يؤدون واجبهم تجاه الوطن والمواطن في المناطق الملتهبة جنبا إلى جنب مع بقية قواتنا النظامية لدحر التمرد ، ويقدمون الخدمات عبر إدارات الشرطة المختلفة في المناطق الآمنة ،
أمس الأول أجابت وزارة الداخلية على إستفهامات حول الجوازات والسجل المدني ، وأرسلت تطمينات وساقت بشريات ، منها تخفيض قيمة إستخراج الجواز للطلاب للنصف ، فضلا عن الشروع الفعلي في تنفيذ مخرجات ورشة الوجود الآجنبي ومراجعة الهُوية ، إذ زف وزير الداخلية الُبشرى بإصدار النائب العام أمرا بتأسيس نيابة مخالفات الهجرة واللجوء ، وهي إحدى أبرز توصيات الورشة ،
وفيما يتعلق بضبط الوجود الإجنبي أرى أن ثمة أمرين أساسيين ، الأول يتعلق بالتحول للحكم المدني الديمقراطي والذي ينبغي أن يؤسس السجل المدني وخاصة الرقم الوطني المؤهل لذلك الإستحقاق الآنتخابي ، أما الأمر الثاني فهو ذو إرتباط بالأول ويطال ولايات بعينها بصورة أساسية ، ولايات دارفور ، الشرق ، جنوب وغرب كردفان وبصورة عامة بقية ولايات السودان ، وأعتقد أن هذا يتطلب رؤية وإستراتيجية مختلفة ، لأن هنالك جهات دولية ذات علاقة ، وهي بعض وكالات ومنظمات الامم المتحدة ودول الجوار والإتحاد الأفريقي ، لأنها ترتبط بتحولات ديمغرافية ، وتُعتبر أحد أسباب الحرب الحالية ، وبشكل أوضح نُحث وزارة الداخلية بالتسريع أكثر في مسألة مراجعة الهُوية ،
ونرى أنه في حال عدم تدارك مسألة الرقم الوطني قد يمثل ويخلق إشكالا قانونيا في الطعن بنتائج الانتخابات ، إذ إن هنالك اجانب تحصلوا علي الرقم الوطني بطرق غير مشروعة ومارسوا الحق الإنتخابي ، كما في الشرق وبعض ولايات دارفور ،
كما أعتقد أن ملف مفصولي الشرطة يحتاج أن يُولى مذيدا من العناية ، صحيح قد يكون كما ذكر الوزير مسألة عدم وجود البيانات مبررا ، لكن يمكن للوزارة الاجتهاد أكثر فيما يتعلق بالمفصولين مهما بلغت درجة تعقيد الملف ، ويمكن للوزارة فضلا عن تسريعها بإجراءات من تتوفر لديهم البيانات أن تجتهد في بيانات الآخرين أكثر ولن تعدم الوسيلة لتوفيرها ومعالجة قضاياهم ، فقد أنجزت ماهو أكثر صعوبة وتعقيدا ،
إن الترتيبات الجارية لإفتتاح مصنع الجوازات بعطبرة ، إحدى البشريات السارة التي ساقتها إدارة الجوازات للمواطن السوداني الذي عانى الأمرين ليستلم جوازا في فترة من الفترات ، وقد يشفع للوزارة عن ذلك ، الرقم الكبير من الجوازات الذي أنجزته في أقل من عام ، (٩٠٠) ألف جواز في الفترة من سبتمبر ٢٠٢٣ إلى مايو ٢٠٢٤_ بحسب مدير الجوازات _ ، لُيضاف إلى رصيد إنجازاتها في فترة مابعد الحرب ،
منبر الداخلية الإعلامي الثاني كان مقنعا في معظم إيضاحاته للشؤون المتعلقة بالسجل والجوازات ، إلا أن المبرر الذي ساقه مدير الجوازات للتأخير قد يرى فيه البعض مبررا غير موضوعيا ، وربما كان الأوفق أن يسوق المبررات التي تقرب من الموضوعية ، مثل أن وزارة المالية لديها تحديات ومع تسابق الأولويات ربما تسقط أولوية الجواز ، وهكذا ،
فحسب حديث اللواء دينكاوي إن سبب التأخير هو الترحيل من ألمانيا إلى بورتسودان ، في حين أنه تصلنا من ألمانيا بشكل مستمر بعض المنتجات التجارية ، الجوازات ياسيادة اللواء لم تتأخر شهر أو إثنين ، إنما إنقطعت بعد توفير الدفعة الأولى مباشرة ، فإن جاء المبرر بمشاكل تقنية أو تحديات تواجه الإدارة لكان ذلك مقبولا ، فالوزارة قد تمكنت من إستعادة السجل وأستوردت مصانع جديدة وهذه جميُعها مسائل معقدة ، وإن صُعب الترحيل بالبحر يمكن أن ترحل بالجو ، مع العلم بأن رسوم إستخراج الجواز تجعل من قيمة ترحيله مدفوعة مقدما ،

عموما منبر وزارة الداخلية الآعلامي الثاني كان موفقا ، فقط يحتاج المذيد من الترتيب وإستصحاب أكبر عدد من الإعلاميين والإنفتاح على كآفة الوسائط ، فحراك الشرطة في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد يستوجب الالتفاف الكامل حول وزارة الداخليةوعكس أنشطتها ودعمها إعلاميا كأحد أهم المنظومات النظامية المدنية التي تُسهم بشكل مباشر في حماية المواطن وحفظ ممتلكاته فضلا عن تقديم الخدمات المهمة له .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى