عاصم البلال الطيب – يجيب المحافظ.. أين مشروع الجزيرة فى الزحام الآن
___________
الخسارة
مشروع الجزيرة أين هو فى زحام الحرب؟ يبدى شاب زراعى تعجبا ويتبسم ضاحكا ، من لقاء يجمعنى بالمحافظ فى بورتسودان العاصمة الإدارية . ولم أتردد فى طرح السؤال ، لإستهلال لقائى بالمهندس زراعى إبراهيم مصطفى إبن المنشأة الإقتصادية الخضراء ، فابتدر بابتسامة مجيبا ، بان المشروع أرضا ومزارعا وريا موجود ، وسيعود أقوى وأفضل للدوران بكامل طاقته بعد توقف الحرب وفقا للمخطط والمرسوم للتغيير والتطوير ، والعمل فى إدارته وأرضين زراعته ، تأثرا وفقا لإفادات المحافظ بدخول قوات الدعم المتمردة لولاية الجزيرة ، واستهدافها لمبانى الإدارة واجتياح المنطقة الصناعية بمارنجان والإستيلاء على المخازن بما فيها ، كميات كبيرة من سماد اليوريا من منظمة الغذاء العالمى ، واستولوا على المخزون من تقاوى القمح ومخازن عديدة مستأجرة للقطاع الخاص تعج بالسلع الغذائية والأجهزة والمواد الكهربائية المنقولة من ولاية الخرطوم ، والإستيلاء يطول عشرات التراكترات وواحدها بقوة مائة وثلاثين من الأحصنة ، وعشرات السيارات من فئة البكاسى الموديلات الحديثة ، هذا غير تخريب أربعة بصات كبيرة أعطب سائقوها إطاراتها ،وتدمير عدد كبير من الورش ، ونهب وتخريب مدبغة ، شراكة بين المشروع والقطاع الخاص ، وكمية غرابيل لإعداد التقاوى ونهب الموتورات ومكاتب الإدارة نهبا كاملا ، تدمير بيوت ومخازن التفاتيش ، ليس هذا فحسب ، ويزيد المحافظ ، لم يسلم نظام الرى ، تعرضت ترع للتكسير ، و فتح الأهالي بعض القنوات امام كبارى العبور للحماية وغير هذا مما لايمكن حصره والحرب لازالت مستعرة ، يقدر المحافظ الخسائر بستين مليار دولار ، ولاينسى الأدبية والمادية والإنسانية لتعرض السكان لعمليات تهجير وإخفاء.
الحلو مر
مائة عام مرت على مشروع الجزيرة وعلى السودان وحقبة سياسية ، بحلوها و مرها ، ينظر بعيدا محافظ المشروع المتدرج وظيفيا فى خدمته ، الملم بالخبايا ، و المعتز بالمهنية غير مصطبغ بسحنة سياسية ومكتفى عن بعد بالقراءة والتحليل وهذه قمة السياسية . وبعد المئوية يراجع المحافظ بعين الخبير ، الكتلة الصلبة لبنية المشروع بهدف الإبتداع وإعادة التشغيل من منظور مختلف بالأصول الضخمة الموجودة ، ويرهن الباشمهندس التجديد بتغيير فى القرار السياسيى والرؤية ، ويبدى تحسرا على عدم إستثمار أموال البترول فى التطوير الزراعى فى المشروع والرقعة الخضراء مرويا ومطريا ، ويستغرب لفهم مسؤول إقتصادى أثر فى إستغلال خيرات النفط النقدية وتوظيفها، بإقناع صناع القرار بالإستفادة السريعة من ريع الثروة الناضبة بدلا عن دفنها فى حفر الزراعة كما وصفها ومن ثم انتظارها موسما محفوفا بمخاطر الفشل . تفكير يدعو المحافظ لتجافيه و تغييره وتعويضه بالإعتماد على مراكز الدراسات والبحوث وهى لم تعد مكاتب ومقرات كما البقرات المقدسات . التقنية الحديثة لم تدع فرضا للتغيير وإلا حوسبته ، ومحافظ المشروع ومهندسه الحالى إبراهيم مصطفى ، التقنية والإتكال عليها عنونة حديثه الثابته حول المشروع فى مجالسه العامة والخاصة محفوفا بشبابية متحمسة ، يدلى بكلمتين فالثالثة التقنية والإهتمام بالمزارع وخدمته للإستفادة القصوى من المشروع الفريد ليتضاعف الإنتاج من الزراعة والصناعات التحويلية لأضعاف مضعّفة . ويرفض بالثلاثة تصريحا لوزير زراعة أسبق مفاده بان مشروع الجزيرة إستنفذ أغراضه الزراعية ويصف حكمه بالموقف السياسي لمواجهة مرحلة.
المخرج
لايرى محافظ مشروع الجزيرة مخرجا للسودان بغير الزراعة ومشروعها الأضخم والمترامى فى ولاية الجزيرة فى مساحة إثنين مليون ومائتين ألف من الأفدنة الواعدة ، مساحة اكبر من هولندا ، وعلى قول المهندس لو دلقت قارورة مياه صغيرة من خزان سنار لبلغت المشروع واشتعلت وعدا وقمحا وتمنى ومحمد المكى إبراهيم . والجديد فى سياسات محافظة المشروع الروح الجماعية والحض على تشريع قوانين مرنة والتشارك مع القطاع الخاص الوطنى والأجنبى عينا مع التعويل عليه والمراهنة وفقا لشراكات مدروسة تحقق الإنفتاح الكامل وتمكّن من إدخال الآلة لزراعة ملايين الأفدنة ليتضاعف الإنتاج ويتناسب مع حجم الرقعة المروية هبة الله الخضراء . ويؤرق محافظة المشروع التمويل وانعدامه وضعفه حال التوافر عليه والظروف المحيطة بالمالية تستدعى تفكيرا ونظرة نحو أفق بعيد ، ولأن الحاجة أم الإقتراع ، تخطط المحافظة بحجم الدولة على إنشاء بنك مشروع الجزيرة لكفالة زراعة محاصيل صاعدة نقديا كفول الصويا ، يصمت المهندس ساعدونا غلى الحصول على تمويل ولو جزئى دعما للمشروع المروى الأكبر ليكون نموذجا يحتذى . وبلسان المهنى المنتمى للحقل والمشروع من عام ١٩٨٦م والنقيب الأسبق للزراعيين ، يطمئن المهندس إبراهيم مصطفى السودانيين بانهم فى بلد لن يجوع والدنيا حرب والمخزون من القمح والسمسم وحبوب غذائية اخرى متنوعة يكفى لسنوات ، ويزيد لو اعتمدنا على انتاجنا ومخزونا من البليلة بكل انواعها ، فلن نجوع حتى من كبوة الحرب نفيق.
الإرادة
يؤكد المحافظ متداعيا بان إرادة وسياسة جديدة مطلوبة ليس لعودة المشروع بل ليكون الإنتاج بحجم الأفدنة الخصيبة التى لو زرع فيها حجر لنما كما يقول متحسرا المهندس مناديا بموديل جديد للإستفادة من الحداثة فى الزراعة والتقانة وتجارب الآخرين ومن متغيرات ما بعد مائة عام ، كقيام سد النهضة وغيره بغية الإستغلال الأمثل للإيجابيات وللتفادى الأنجع للسلبيات ، هذا مع إلتفاتة لقانون ٢٠٠٥م الذى لايروق للمحافظ . والمشروع قائم وموجود على الأرض ، هكذا يطمئن المحافظ غير مرة فى تداعيه منذ مغادرة المقر الرئيسى بولاية الجزيرة للإدارة والتخطيط من العاصمة الإدارية لتأمين الإستمرار فى مساحات واسعة ، تضع المحافظة خطة إسعافية بعد إنتهاء الموسم الشتوى والدخول فى الصيفى باستهداف زراعة مليون وخمسين ألف فدانا مناصفة بين الجزيرة والمناقل ، خمسمائة الف فدانا منها ذرة ، مئتان ألف فدانا قطن ، مائة ألف فدانا فول الصوية ،مئتان الف فدانا فول سودانى ، ومائة وخمسين ألف فدانا خضروات . ويشير المحافظ لعلو كعب الطلب على فول الصوية ويصفه بالحصان الأسود لانتاجيته العاليه وزيته السحرى وخصائصه الزراعية المتمثلة فى قصر عمره الزراعى وسرعة نموه ، غير زراعته لمرتين فى الموسم.
الموسم
ولإنجاح الموسم الصيفى تعمل محافظة المشروع على كفالة صيانة مستودعات الجازولين وتوفير كميات من التقاوى المحسنة من بعض الشركات . بلد فيها خير كثير ، يختتم المحافظ التداعى مذكرا ومشيرا لعظمة مشروع الجزيرة الذى سدد من تشغيله فى الفترة من ١٩٥٢ م إلى ١٩٥٤م تكلفة خزان سنار والمبانى الحكومية فى شارع النيل بولاية الخرطوم وسدد جزء من تكلفة مياه بورتسودان والميناء ومتبقيات تشييد السكة حديد . وقبل وداع المحافظ ، شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين إدارة المشروع ممثلة بتوقيع المهندس إبراهيم مصطفى وشركة محجوب اولاد ممثلة بحضور وتوقيع وجدى ميرغنى رئيس مجلس الإدارة . شراكة جديرة بالدعم والإحترام لمحجوب أولاد على الإقدام للإستثمار فى زمن شدة والضيق بما يعود بالنفع على زراعة السودان بعد مائة عام عدت ومرت على قيام مشروع الجزيرة . وآى الذكر الحكيم قصص عن حقب وحكاوى أمم تتالى لإعمار الأرض ، فتسود لحين من الدهر ، فإما تعقبها امم او تتماهى مع طبيعة الحياة وحركيتها و تعمل على تبديل فى مفاهيمها من حين لآخر.