مقالات الرأي

أجراس فجاج الأرض – عاصم البلال الطيب – إسامة البيكيولو – المقرن والنهر الرابع

_______

المشتهى

دكتور بلة كرار طبيب جراحة الفم والأسنان وسادن لصحة الإنسان ، رجل فنان واسع الإطلاع ، غربته للعمل فى طائفة من الدول ، تزيد محبته للسودان ، منذ إندلاع الحرب يرابط مع آخرين بجوبا لخدمة لاجئيه ولايكف عن تتبع الحال ، مملوء بحب القوز ، حيه الكبير ، موطن المبدعين والموسيقيين واللامعين من الشعراء والأدباء والملحنين ، وحى أسامة بيكيولو ، مشجون د بلة بالخرطوم وبحرى وأمدرمان ، إبنا للثلاثة ، مشحون بانفاس اسامة بيكيولو . مغرم بالإقتباس من الروائع ، مولع بديستوفسكى ، معتد بالطيب صالح ، متعبد بالتفرس فى آى الذكر البديع . محزون لخلو منظومة الأوركسترا السودانية من انفاس اسامها الدافئة ، ومعلم العازفين وأستاذ المؤلفين للموسيقى الملهمة ، وما امتعها لغة الموسيقى وأضبطها ، ماذا لو تقدم صفنا يوميا موسيقيا ليحكم ؟ لتبدل كل شئ واعتدل كل معوج ، والخطابات تلك لأغنتنا عنها واكفتنا ، همهمات بيكولو المعبرة والمصورة فى عيونه الدنيا التى للسودانيين يشتهى.

المنفرد

رحيل موسيقار واجنحة السلم رفرافة ، مصيبة للأعين رقراقة ، فما البال وأسامة بيكيولو يموت رحال ، حالة مفاقمة لأحزان الحرب تتبينها فى كل رد حزن ، وأسلحة الحرب من حولنا دقداقة ، تحرمنا التشنيف بالنفخ الهفيف. يفقدنا صراع مصنوع عدم الوعى بثرائنا و المتعة ، ويحرمنا الدهشة ، معاصرتنا هى الحجاب ، التذكرة التى يبفها الركبان ، الفرصة و وتلوها بين يدينا وثالثة و دوما كما إثنتيها منسربة ، لم نهتد إلى ثرواتنا الآدمية ، وعن ظهر قلب ، نحفظ صادرها عزفا بالخير وحضا سمحا ، وواردها حصائل مضاعة لا تعدل ميلا، فلذا لا نتخذها الدرع الواقى ، فنجبر بلة كرار إغترابا ليخدمنا عن بعد و صنوه أسامة بيكلو العزف المنفرد لم يطق البعاد عنا ليهدهدنا مع المك صلاح بن البادية ويحلق بنا مع وردى و يعلمنا مع وداللمين فى مدرسة الحلنقى ، بيكيولو انفرادا شكليا وتفردا جوهريا.

المشع

ونذكر العزف ذياك والبريق المشع للوطن المكلوم بأنفاس عميقة وتحميس والعيون محمرة . موسيقى البيكولو شئ من سومرية وإيطالية و نفخة سودانية ، وبعض نحن من الفلووت الحزين ، ناينا حافظ عبدالرحمن العظيم والمعزوفة المقيمة ، ثم هاهو أسامة بيكولو فى صمت يرحل ، ولنا الزمجرة ودوى الإحساس بالفقد ، والتمنى لو طال مكوثه بين يدينا . تتفرس ملامحه فهو إبن للشمال و الأريج ، والجنوب و البهيج ، والشرق و الحنين ، والغرب و الرشيق، والوسط و
الأنيق ، هو أسامة نفس السودان العميق ، ونفثه الدافئ فى لياليه ونهاراته وصباحاته لتغدو كما بيض حمائم الوصل والسلام . وغير قابلة لاستمرار حربِ

الشاهق

العزف المنفرد كما انشودة الجن ، لغة الوحدة الإنسانية التى عمل لأجلها امهر البيكولو، أسامنا ينطّقها ، آلة بدونه مجرد آلة متنازع في احقية براء إقتراعها من لدن السومرية ، متنازعون ليس من بينهم أسامة توأمها وصنوها المكمل . تشفق على رئة أسامة بيكيولو والنفس شاهق من نفخ صارم ليشفى ويشف عن جمال وراء التموسق ، واللحظة لدى موسيقاه تميل مع فرعها الأسمر والينعان الأخضر ، والنفخ يرتسم على محيا السامعين أوركسترا كاملة الأركان لآلة باتفاق خبراء موسيقيين ، تتمة اللزمات وسد الفراقات وللربط ربما بين الجمل المنوتة ، فلنتصور ، لولا هذا الأسامة ، وهو والبيكيولو أصيلان فى التنويت وتخطيط الجمل الموسيقية ، وكفاه كل شهادة ، الشروع فى إصدار الألبومات رهانا على علو كعب وعمق الموسيقى و إجتراح صعب لأشهر الدويتات ، المقرن الثانى المهيب.، بين أزرق عزف عود وداللمين وأبيض نفخ بيكيولو أسامة ، نهر موسيقى يتفجر من لحظة ونقطة إقتران الأعزفين ، فيربع النيل والازرق الهادر والأبيض الهادئ.

المعزوفة

سيرة أسامة بيكيولو أوسع وسريرة نقاء بيضاء ، تحصيها ، ففى كل بلد وفريق أهل له وصحاب . حسين شندى فى شهادته الموسيقية يرجع مسير بيكيولو لثمانين القرن الماضى عازفا إلى جوار مندلين فرقته فى ليلة عرس واياه مصادفة ، فى فرح يشكل بافادة شندى المهجّر الآخر ، الإنطلاقة الكبرى والعومة السكرى فى بحر الموسيقتين العسكرية والمدنية ، جيد فى أيهما البيكولو بخصوصية تميزه على الأقران ويتوجها باغتراب لعقد ونصف من الزمان ، مهديا تجربته الثرة توسعة لسودانيتنا و مستزيدا من الآخرين أستاذا للموسيقى من لدن معهديتها حتى عصر جامعيتها ، تلاميذ كُثر نتأمل بروزهم عن مدرسة أسامة حتى لا تتيتم البيكيولو من بعد الرحيل ، ننتظر من حملة روح البيكولو معزوفة للسلام حضاضة على إشاعة ثقافة الأمن والإستقرار.

الحنايا

عام ونيف من الحرب ، كيف قضاها أسامة البيكيولو متنزحا وأنّى نتصورها ونوتة التواصل بيننا ألغزت ، فافتقدنا التناغم والإنسجام ! هل يا تراه تأبط بيكيولاه خلسة ولواذا ليؤلف مقطوعة السلام الآخرة أم هى الأخرى عز حملها فى عصر التبعض و التوجس من التبعبع ؟ تشكيل الوجيد الجمعى للمجتمع ، سلسل من عمل و عزف ونفخ على آليات متعددة لشحن الارواح والأنفس بالحسن والجمال . والموسيقى الأهم للتنقية المجتمعية من الشوائب وضر العوالق وللتعبد بالتأمل فى موسيقى الطبيعة والسحر المودع فى حنايا الإنسان . يسمو الإنسان ويرهف بمقطوعة لأسامة بيكيولو ، يبدع فيها ويتألق ، ويتأنق بتعايير لغة الوجه ، فيبلغ الرسالة ويتمم بالنظرات . بعد العودة من المغترب ، والإنصهار فى فرقة محمد الأمين ، إبتدأ بيكيولو مشوار مختلف من النضوج واثقا بشهادة الموسيقار الباشكاتب العبقرى ، فكما الهرم ، يملك البيكيولو القدرة على التنويع والتطويع لتغيير فى اللحن والأداء المحفوظ ، يبلغ العازف الأمهر درج الإرتجال والمجاراة لحنجرة فنان بمواصفات خاصة.

الإبحار

تبحر سيرة أسامة بيكيولو فى الأذهان مع زوارق الألحان وبصورته مفنا بأنفاسه من الأعماق بريدة السودان ، وذات مناسبة وطنية محضورة ، يستبد الشجن فيحول مسرح التلقى برمته لمحراب مقدس للتعبير عن حب الوطن ، بيكيولو العازف والإحساس سيان ، وآلامه ما يحيق بالسودان وشظّف حياته و مفارقة الأهل والحبان ، سعى عازفا منفردا لتعزيز جُمعاتنا وكأن به نافخ أنفاسه فى مضخات البيكولو ، يساوره الإحساس بالمصاب الجلل ، لعام ويزيد يقاوم ويحتمل تساقط سلسل أهيل الإبداع ، يهزمه الحزن ورحيل توأم بيكيولوه ، يصرع آخر أنفاس عزفه فى هوى السودان وأهله وإلى كليتهم ينتمى بشخصية متصالحة متماهية بدعوة حبه الكبير ، ومعزافه ، نثار الدرر ، سكاب العطر ، البيكيولو يرتمى أخيرا وينكفئ ولكن شمعه على مر الزمن يتقد أسامة فى سودان ما بعد الحرب المفقود والمنشود.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى