أحرف حرة – إبتسام الشيخ – حكومة البحر الأحمر.. التفكير خارج الصُندوق
________
حدثني أحد أقاربي ممن كانوا يترددون على ولاية البحر الأحمر في الثمانينات ، كيف أن منازل مدينة بورتسودان كانت في غالبها بيوت من خشب ، وأنه سعيد بالتحول الكبير الذي يشهده فيها الآن عندما حلّ عليها نازحا بفعل الحرب ، قال قريبي ولاية البحر الأحمر ومدينة بورتسودان تحديدا قابلة للتطور ،
حديث قريبي هذا أعاد شريط ذاكرتي إلى الأسبوع الماضي وأسترجعتُ تنوير مدير قطاع الإستثمار بولاية البحر الأحمر وهو يستعرض أمام جمع من الإعلامين ملامح الخارطة الإستثمارية للولاية ،
لم يترك شاردة ولا واردة لم يتطرق إليها من ثروات تذخر بها ولايته ،
معدنية ، بحرية ، زراعية ، ميزات ومواقع سياحية ،
أخذنا الرجل في سياحة عبر خارطته الإستثمارية إبتداء من ميزة الموقع إنتهاء بإعلان إنشاء صالة أسواق حرة في ميناء سواكن ،
لا شك في أن ولاية البحر الأحمر جاذبة في جانب السياحة ولها قُدرات عالية ، كونها ساحلية وكونها ميناء ،
فالعالم كُله الآن يتجه إلى السياحة البحرية ، وبورتسودان بها شُعب مرجانية كما أن بها أجود أنواع الأسماك (الجمبري ) ، ومياه البحر الأحمر تعتبر من أنقى المياه ،
في منتصف العام ٢٠١٦ إلتقيتُ مجموعة من السياح الأجانب على شاطئ إمارة عجمان أحد الواجهات السياحية بدولة الإمارات ، لما عرفوا أنني من السودان أخبروني بسرور بأنهم أتوا إلى بورتسودان أكثر من مرة لممارسة رياضة الغطس ، وهذا يعني توفر عنصر جذب لسياحة بحرية ،
كما أن السياحة في العالم أجمع أخذت أشكال أخرى مختلفة ، فهنالك سياحة صحراوية ، وسياحة جبلية وغيرها ،
الكثيرون يحبون تسلق الجبال ، وأعتقد أن جبال البحر الأحمر يمكن أن تتحول لمجال إستثمار كبير ،
وفي التنوع البيئي ميزة نسبية جيدة في البحر الأحمر ، مابين جبال ، صحراء ومياه ،فضلا عن المناطق الزراعية التي تتقدمُها دلتا طوكر بمميزاتها الفريدة ومساحتها الشاسعة ،
والناظر للحركة التجارية الدؤوبة بولاية البحر الأحمر يجد أنها تؤهلها لأن تكون مركزا تجاريا كبيرا ،
فضلا عن أن عنصر المُناخ أيضا يجعل من الولاية منطقة سياحية جاذبة ، فمُناخ البحر الأبيض المتوسط يُعطيها ميزة خاصة عن بقية مدن السودان ، إذ إن ولاية البحر الأحمر تُمطر شتاءً وهذا مُحفّز كبير لحركة السياحة الداخلية من مدن السودان المختلفة ،
( ليس في الحرب فوائد أبدا ولكنها أتاحت لنا فرصة حضور فصل شتاء ببورتسودان ، وبقدر نيران الأسى المشتعلة بدواخلنا جراء الحرب ، إلا أن تلك الأيام كانت فيها بعضُ راحة وإن كانت منقوصة ببال مشغول بمن تركنا وراءنا من أهل وأحباب وعشيرة كانت تُمطر عليهم السماء ذخائر ، في حين كانت سماء بورتسودان تمطر علينا مطرا شتويا غسلنا بعض الشيئ ،
أرى أن ولاية البحر الأحمر في ظل حالة الإضطراب التي يعيشُها السودان واعدة بخير وفير ،
وأعتقد أن هذا ما أدركته حكومة الولاية بقيادة ربانها اللواء معاش مصطفى محمد نور ، فقد علمنا أن التنوير الذي قدمه مدراء القطاعات هو السياسة التي خطها الوالي للعبور بالولاية إلى آفاق التنمية والإزدهار ، وأنها خُطة عمل تمت صياغتُها وتبناها والي الولاية ، ولم يُضيّع وقتا طويلا رغم الملفات الطارئة الضاغطة من أمن وصحة وتعليم ومياه ، وفي ظل إذدحام الولاية بالفارين من الحرب من الولايات المأزومة ،
إهتمت حكومة البحر الأحمر بالإستثمار رغم كل هذه الظروف ، وأعتقد أن هذا إتجاه صائب ،
وأرى في المجهود المُقدر الذي بذله قطاع الإستثمار في إعداد خارطة استثمارية مُفصّلة بحسب العرض الذي تفضل به الأخ مدير قطاع الإستثمار الأسبوع الماضي ، إمكانية لخلق واقع أفضل في ولاية البحر الأحمر من كل النواحي ،
مُقدر هذا المجهود التنموي الذي يقوده الوالي ببراعة ، والكل يرى نتائجه تمضي إلى الأمام ، وبدورنا نُحثه على التقدم في ذات الطريق ممسكا بكآفة الملفات حتى يخُرج بورتسودان كعاصمة ثانية للسودان الى مصاف العالمية ،
قد يتفق معي البعض في ضرورة توسعة العقلية التخطيطية والإستثمارية ، والإجتهاد في إحداث تغيير أكبر في نمط التفكير ، والإنفتاح على تجارب خارجية أكثر ، عبر كوادر بإدارة الاستثمار تكون مُطّلعة على مايدور في العالم الخارجي ، بحيث تستطيع جذب الإستثمارات الخارجية ، وفتح الباب أمام أُناس بأفكار جديدة وفعل أشياء بمستوى جديد ومتطور ،
أعتقد أن والي الولاية وأعضاء حكومته بدأوا رصف طريق حتما سيُثمر خيرا وفيرا ، إن هم سعوا وعملوا على إبراز إمكانات الولاية والتسويق لها بطريقة علمية جاذبة على المستوى العالمي والمحلي ، بحيث تستقطب الشركات والأفراد ،
التمعن في الخارطة الإستثمارية للولاية يُعطي مؤشرا قويا لخلق الأفكار وإستغلال الفرص المتاحة إن إحسنوا تسويقها ،
وأرى أن مشكلة المياه في البحر الأحمر والتي يمكن أن تُشكل أحد العناصر الطاردة والتي يمكن أن تتسبب في هزيمة خُطط الإستثمار ، يمكن أن يكون بالإستثمار حلها ،
حقيقة أنا لم أطّلع بشكل واسع على كل المجهودات التي بُذلت لحل مشكل المياه في البحر الأحمر ، لكن أعتقد أن بالإمكان التفكير في إتجاه الإستثمار في تحلية المياه على غرار تجربة المملكة العربية السعودية ، وأعتقد أنها يمكن أن تدر عائد ماديا كبيرا لخزينة الولاية ،
كما أجدني أسأل أهل الاختصاص والخبرة بالولاية ، هل يمكن أن يكون هنالك حصاد مياه خلال فصل الشتاء ؟ خاصة أنه أطول من فصل الصيف والمياه تجري في الوديان وتغسل الجبال ؟! .
عموما من خلال رصدنا ومتابعتنا لحراك والي الولاية منذ توليه منصبه هذا ، ومن خلال ماشهدناه من حسن إدارة وتوجيه ورعاية في الطرق والصحة والإهتمام بإستمرار العملية التعليمية ، أعتقد أن الوالي لو إسنطاع أن يأمن لبورتسودان المياه ويحل مشكلتها فسيسجل أسمه بأحرف من نور في تأريخ السودان ، لأن المياه هي المشكلة التي يعاني منها قطاع كبير من الناس في ولاية البحر الأحمر .