بينما يمضى الوقت – ليس بالأمن وحده يتعافى الاقتصاد – أمل أبو القاسم
________
احتفت الوسائط والكتاب والمحللون السياسيون الأيام الفائتة بعودة صلاحيات جهاز الأمن الوطنى الذي سعت جهات عدة داخلية وخارجية لتمزيقه وإضعافه من خلال تحجيم صلاحياته ليكتفى فقط بجمع المعلومات، وهى أهداف مفضوحة منذ حينها ظهرت نتائجها بافتعال هذه الحرب عندما عز عليهم منال الكثير وعلى رأسها إضعاف الأجهزة الأمنية كيما يتسنى لهم السيطرة على السودان الغنى بالموارد الاقتصادية التى جعلته محل أطماع بعض الدول.
قلت احتفى بعودة صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات وهو إحتفاء في مكانه ومستحق رغم ان الجهاز لم يرضخ لسلبه تلكم الصلاحيات وظل يمارس بعضا من مهامه متى ما فرض الأمر والوقائع ذلك رغم انف المرجفين منطلقا من مسؤلية اخلاقية قبيل ان تكون مهنية.
ثم زاد الاحتفاء أو زاد العشم في صلاحيات الجهاز لضبط فوضى الاقتصاد والاتجار بالعملة وتخريب الاقتصاد الوطنى بالمضاربة بالدولار وتداوله بصورة غير مشروعة فضلا عن تهريبه الى جانب الذهب، كذلك التلاعب بالوقود ودخول سماسرة لسوقه وغير ذلك الكثير.
صحيح أن للأمن الاقتصادى دون مقدر في مكافحة كل ذلك الفساد وأدواره مشهودة في ذلك قبل سلبه تلك الصلاحية التى وما ان غابت عادت الفوضى لسوق العملة وباتت الدولار يباع نهارا جهارا يشهره تجاره ملوحين به في وجهك بلا خوف، وفي وجه السلطات الحكومية يمدون السنتهم.
نعم للجهاز دور فاعل في كبح التلاعب بمعينات الاقتصاد، لكنه دور يتكامل مع أدوار أخرى للمؤسسات الاقتصادية إذ ليس بالأمن وحده يتوقف الانهيار نظرا لدوره الرقابي فقط، بيد ان الانتعاش ورفع الانهيار من وهدته مسؤلية الدولة اجمع والتى ينبغى لها ان تتدخل وتدفع بسياسات كلية لهذا التدهور المريع.
وبحسب روشتات المختصين الذين ما فتئوا يناقشونها في الوسائط وفي الافادات للوسائط الاعلامية بأن لابد من تشجيع عمليات الصادر الحيوانى والزراعى حيث لم يتأثر القطاعان كثيرا بالحرب وظلا ينتجان رغم الظروف والبيئة السيئة فقط يجب تسخير هذا الانتاج بالصورة المثلى.
كذلك تشجيع إيرادات ومدخرات المغتربين وهذه مشكلة متجذرة حيث لم تتمكن الدولة وعلى امتداد حكوماتها المتعاقبة من توظيف مدخرات المغتربين ولم يستفد كليهما من عائد اغترابهم.
وحيث ان أكبر معضلة تواجه اقتصاد السودان وتمنعه الاستفادة من أهم مورد تتمثل في تهريب الذهب تلكم الآفة التى جلبت للسودان الكثير من المشاكل نسبة للاطماع العالمية حوله وكم من اطنان اهدرت وتسربت بتفكير الخارج وتنفيذ أيدى الداخل فلم لا تتعظ الحكومة من ذلك الأمر الذي تجذر وتضع سياسات مغلظة للصادر؟.
كذلك مراجعة السياسات النقدية وقد بات الدولار سلعة متداولة في (سوق الله أكبر) يباع ويشترى فيها، اليست هناك خطة لإنقاذه من هذا الأمر؟!
وكثيرا ما تم تداول أمر طبع العملة وتفرق الحديث حولها ما بين الغاء المتداولة وتغييرها وما بين وقف طباعتها وهي حسيرة بلا غطاء يحفظ لها كرامتها وهيبتها ويعيد توازنها.
وأخيرا نعم للاحتفاء بعودة صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات سيما الأمن الاقتصادى لكن ان يعول عليه فهذا ليس من الحكمة حيث يجعله فى مرمى الانتقاد حال حدث أي قصور في شأن الاقتصاد وربما تحميله المسؤولية وهو ليس سوى ضلع من اضلع انتشاله وتعافيه وليس الحل الأوحد.