بينما يمضي الوقت – عام على حرب السودان.. فزلكة – أمل أبوالقاسم
_____________
كان 14 إبريل يوم عادى مضت فيه وتيرة الحياة لمواطنى العاصمة المثلثة الخرطوم كأي يوم من أيام رمضان التي كانت حافلة وضاجة بالحياة.
شخصى في تلكم الأمسية كنت ضمن ضيوف الإفطار السنوى الذي ينظمه عضو المجلس السيادى الفريق أول “شمس الدين الكباشي” بنادى النيل بالخرطوم ومثله ورتابة ذاك اليوم لم يك هناك ما يرفع وتيرة الخوف أو توقع ما كان يعتقده البعض إرهاصات لا ترق لوقوع حرب فعلية
عقب الإفطار تفرق الجمع الذي ضم كل الوان الطيف المجتمعى من سياسيين، ودبلوماسيين ورجال دين وإدارات اهلية، وقادة جيش وحركات مسلحة واعلاميين وغيرهم، خلا قائد قوات الدعم السريع وقتها الفريق محمد حمدان دقلو ( حميدتى) وشقيقه عبد الرحيم.
بعد الافطار بالقاعة تفرق الجمع منتشرين في باحة النادى عقب خروج رئيس المجلس السيادة القائد العام للجيش وقد صافحنا في طريق خروجه يرافقه الكباشى، وكذا فقد كانت قسمات وجهه طبيعية لا تنم عن قلق أو توتر. لكن مياه كثيرة جرت تحت الجسر خلال ما تبقى من سويعات تلكم الليلة لكنها أيضا لم ترق لمستوى إندلاع الحرب والدليل مهاجمة البرهان في مخدعه وهو يغط في نومه مع انطلاق أولى رصاصات الحرب واستشهد نحو 35 فرد حراسة وهم يزودون عنه.
قلت تفرق المدعوون كل مجموعة تنتحى ركنا تتآنس من خلاله ، وللحق لم يخلو مجلسنا الذي ضم عدد من السياسيين وقادة الحركات وأحد قادة الجيش، لم يخلو من مناقشة الوضع وقتها وقوات الدعم السريع تطوق مطار وقاعدة مروى العسكرية دون اي مبرر. واذكر اننى سألت ذاك القائد عن هذا الأمر فاحجم عن الرد فقلت اسألك بوصفي مواطنة تشفق على البلد ولست صحفية لكنه تمترس عند موقفه، ثم تلى سؤالي سؤال احدهم: متى ستنطلق الرصاصة الأولى فرددناه (فأل الله ولا فالك) فاستشهد لنا بحادثة وقعت في واحدة من ولايات السودان للمقاربة.
عند التاسعة كانت آخر الجموع تخرج تباعا والفريق الكباشى لا يفتأ يقف مودعا لكل مجموعة وفرد.
قلت ان كل شيء كان طبيعيا اللهم إلا موضوع عربات الدعم السريع التى تسيطر على قاعدة مروى وعدد مقدر من افرادها يستحوزون على المدينة الرياضية جنوبي الخرطوم في واقعة أثارت التساؤل والحيرة.
لكن وعقب انبلاج الفجر بكثير تواترت اخبار عبر الميديا عن إشتباك في المدينة الرياضية ثم تلته بيانات من الطرفين دفعت الجميع نحو التلفاز لتلقف الأخبار ثم تحول الفضاء الاسفيري الى واقع وأصوات الرصاص خلال اليوم تعبئ الأحياء وإلى يومنا هذا وهو المكمل لعام من اشرس واغرب حرب شهدها الوطن العربي.
ورغم الإرهاصات الكثيرة التى سبقت الحرب ربما لعام أو أكثر ومنها تأمين القوات المسلحة للقيادة العامة وسط الخرطوم بسياج خرصانى حصنها تماما، فضلا عن استعراض إمكانيات ومعدات الجيش في عيده قبيل عامين ربما لأول مرة بمدينة شندى ووقتها سرى همسا في المجالس بأن ربما طابور العرض هذا رسالة في بريد أحدهم، هذا إلى جانب خلافات مكتومة بين قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع، ومع ذلك اسوأ المتشائمين لم يتوقع بان حربا ومعركة ستندلع وتصبح واقعا بشعا.
بدت الحرب بين الجيش السودانى والقوات المتمردة وظن المواطن إنها أيام وستضع اوزارها لكن ومن أسف اشتد اوارها بسرعة وانتقلت من الجيش للمواطن الذي اصبح هدف التمرد وهي تنكل به قتلا وإذلالا،واغتصابا وتشريدا و الآلاف يخرجون ما بين لاجئ ببعض الدول ونازح في الولايات الآمنة التى لم يسلم بعضها لاحقا، وطاردها ما لحق بالعاصمة فنزح المواطن مجددا بعد تجرعه الأسى، وتملكه الخوف والرعب من هول ما حل به من المتمردين الذي تركوا الجيش جانبا وافرغوا كل غبنهم وجام غضبهم في المواطن المغدور. ولاية الجزيرة خير نموذج.
تمددت الحرب بين أبناء البلد الواحد والعدو من صلب البلد، وتمدد معها سوء الأوضاع على كافة الصعد وعلى رأسها الإنسانية فتضاعف الأذى والاسى.
وعلى مستوى الاعيان ومحتوى السودان وإرثه فحدث ولا حرج حيث لم يبقى المتمردين على جامعة، أو مشفى، او بنك وغيره من المبانى الحكومية الا و تعرضت للسلب ثم الحرق والتدمير.
عام على الحرب والسودان بلغ مبلغا من الدمار معنى ومبنى يحتاج معه سنوات لترميمه لكنا نتفاءل خيرا ونقول (كله خير) ولنا في تجربة رواندا إسوة.
كذلك فقد كشفت الحرب الكثير على مستوى العلاقات الاقليمية وسقطت الاقنعة لكن قطعا ما تكشف سيصحح المسار و(كله لخير).
عام على الحرب وما زال الجميع يتساءل من اطلق الرصاصة الأولى؟ والإجابات المفترضة تذهب هنا وهناك ما بين اتهام الكيزان وإدعاء انهم خلف الجيش، وقوى الحرية والتغيير التى تقف خلف المتمردين. واي كانت صحة احدها من عدم صحته، يبقى من الثوابت ان هناك اطراف تسعى لكراسي الحكم غير آبهة بالوسيلة.
الآن ورغم ان الحديث سابق لأوانه كون الحرب ما زالت مشتعلة حتى لو في نهاياتها إلا ان ثمة تصريحات من القوى السياسية تبحث إمكانية إلتئام الجميع وذلك بين مؤيد ومعارض.
هم يبحثون بينما رئيس مجلس السيادة الانتقالى الفريق أول ركن “عبدالفتاح البرهان” يبحث في إتجاه آخر يتحدث عن حكومة كفاءات وطنية تحكم فترة إنتقالية تأتى بعدها حكومة منتخبة يذهب بعدها الجيش لثكناته.
ثم قطع البرهان قول كل خطيب وهو يحسم الأمر عشية عيد الفطر المبارك وخلال تهنئته للشعب وبكلمات مقتضبة يؤكد ان لا عودة لما قبل 15 إبريل، لا عودة لما قبل 25 اكتوبر، لا عودة لما قبل 19ديسمبر. والإشارة في ذلك واضحة ثم يتبعها ب(نقطة سطر جديد).