بينما يمضى الوقت – حتى تكون العودة أكثرا أمنا – أمل أبوالقاسم
_________________
تتحدث الخرطوم هذه الفترة عن ترتيبات العودة (الآمنة) للمواطنين الذين شردتهم الحرب نزوحا أو لجؤا، وتدأب فعليا في ذلك على كافة المحاور الخدمية، بترميم ومعالجة ما دمرته الحرب حتى تصبح بيئة صالحة للاستئطان كما عهدها السابق، هذا الى جانب عودة نوافذ الخدمات الشرطية التى غابت طيلة الفترة السابقة بدواعى عدة. بيد ان نوافذ خدمات الجمهور من سجل مدنى، وجوازات وغيره عادت باكرا بعد استعادة البيانات كافة ولعل ذلك كان بمثابة وثبة ونقطة ضوء في ظل عتمة القت بظلالها على كل شيء.
وحيث ان الحديث عن عودة آمنة لابد ان تتوفر قواعد الأمن التى تأتى مختلفة في ظل الظروف التى تعيشها البلاد سيما وان المجالس كثيرا ما تتحدث عن انه حتى وان انتهت الحرب فالبلاد لن تسلم أو تنظف تماما مع نهايتها كون الجيوب كثيرة.
والجيوب هذه ليست حصرا في بقايا المتمردين الذين وبلا شك سيندس بعضهم في البيوت كمدنيين، بل هنالك أيضا من تعاون معهم سوى بالمشاركة في الحرب، أو الإرشاد، أو مشاركتهم السرقة بشكل أو بآخر. وقد كشفت هذه الحرب عن اناس جيران وصحبة تفاجأ مسامريهم وصحبهم انهم يتبعون الدعم السريع، وليس أدل على ذلك الصور التى تم تداولها لعدد من أئمة مساجد بالعاصمة كانوا يلقون الخطب ويمشون بين الناس بالحسنى أو كما تبدى ثم سرعان ما انقلبوا عليهم واعتمروا ( الكدمول)، وباغتوهم برفع الكلاش في وجههم، ولا غرو في ذلك وقد سبقهم قائد المتمردين وحاشيته وهم ينقلبون على جيرانهم الذين شاركوهم الملح و( الملاح) كما تشاركوا معهم الافراح والاتراح.
لذا وحتى تكون العودة آمنة من ناحية أمنية فأول ذى بدء لابد من إعادة صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات العامة كاملة والأصوات الآن تتعالى هنا وهناك تنادى بذلك، فمنذ ان حجمت صلاحياته وانحصرت في جمع المعلومات لم تذق البلاد عافية أمن. والآن باتت الحاجة ملحة لذلك سيما بعد إنجلاء المعركة للمساهمة في إجلاء غبارها. صحيح ان كل افراد جهاز الأمن ينخرطون الآن في المعركة بلا توصيف مؤسسي أو هيكلي لكن لابد مما ليس منه بد، ويبدو فعليا ان الأمور تمضى في طريقها الصحيح وقد صدر قرار أمس بإعادة اللواء معاش “أحمد على عوض الكريم ” مديرا لهيئة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
إلى جانب الجهاز لابد من دور فاعل وطموح للشرطة، والمباحث، فكلا الجهازين تحتاجهم الفترة القادمة بقوة لتطهير الأحياء من المندسين مواطنين ومتمردين، فضلا عن نظافة المنازل من المسروقات وقد باتت الفارغة منها عبارة عن مخازن. لابد من القبض على الخلايا النائمة من المواطنين أولا فهم أكثر خطورة بعد الحرب ومثلما هناك مرشدين خونة فبالمقابل ستجدون هناك من الشرفاء من يرشد عليهم سيما وان الغبن الذي لازم النفوس كفيل بتحريك هؤلاء للتبليغ عمن طعنوهم في ظهرهم وساموهم الذل والهوان، وفجعوهم في شرفهم وفي أرواح ذويهم، ثم شردوهم في المنافى.
وحتى تكون العودة أكثر امنا لابد من أعلاه فتداعيات الحرب اسوأ من خوضها.