أحرف حرة – إبتسام الشيخ – نعم لمبادرات السلام ولكن
_____
أعتقد أنه لم يعد خافيا على كل ذي بصيرة أن إقبال المواطنين السودانيين في كآفة أنحاء السودان على سوح التدريب العسكري لإسناد الجيش جاء طوعا وأختيارا ، في حرب لا تنتطح عنزتان في الإجابة على من تستهدف المليشيا بها ؟ ،
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو عن ماذا يبحث قائد المليشيا وعصبته بعد كل ماحدث ،لماذا يسعون خلف الوساطات ومبادرات السلام ؟ ،
أحسب أن الشعب السوداني قد إرسل في بريد حميدتي رسالة مفادها (إنتهى كل شيئ ) ، فقد ماتت مصداقية قائد مليشيا الدعم السريع التي كانت لدى البعض في اليوم الذي صوبت فيه قواته سلاحها في وجه المواطن وأخرجته من منزله بل وأتخذته درعا ، ثم إنتهكت عرضه وأستباحت ماله على وجه غير مسبوق وبطريقة إستحقت بها المليشيا أن توصف بأبشع الأوصاف وتوضع في أحط الخانات لدى الشعب السوداني من غربه الى وسطه فقد أصبحت مليشيا القتل السريع ومليشيا النهب السريع ، مليشيا تجرد منسوبوها من أدنى درجات النخوة والرجولة حين أقدم بعضهم على إستباحة العروض ، وصفق له البعض الآخر بدلا عن لومه وإدانته ، فيما طفق بعض ذوي الأصوات والأقلام البائسة ينكرون نسبة هذه الفظائع الى المليشيا ويطلقون الأكاذيب مدافعين بأنها إفتراء وفبركة ، وأظن أنه ليس من بين السودانين من لم يشهد أو تمر به حادثة تؤكد ماذهبنا إليه ، فالبعض رآها بعينه وشهد عليها ، والبعض حدثت مع قريب له أو جار أو صديق ، والكل شاهدها من خلال الفيديوهات التي وثق عبرها صبية المليشيا جرائمهم بأنفسهم ،
إن من تبقي بداخله بعض ضمير حي في هذا العالم من منظمات أو وكالات أو واجهات حقوقية أو عدلية سارع الى إدانة إنتهاكات المليشيا التي إستهدفت الإنسان و مقدرات البلاد وبنيتها التحتية ، بينما مات ضمير منسوبي المليشيا كموت قائدهم حتى وإن كان لا يزال على قيد الحياة ، وليس أصعب من أن يموت الٱنسان وهو حيا ، وماتت ضمائر أخرى رهن أصحابها أنفسهم لشيطان إطماعهم ورغائبهم ،
في تصريحات فجة وبتجاهل متعمد لكل الٱنتهاكات التي رصدتها العديد من الجهات إتهمت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الجيش السوداني بالعمل على تجنيد المدنين ، مع أن المراقب يلحظ أن كل الدلائل والشواهد تشير الى أن الجيش السوداني.
لم يجبر أحدا على التجنيد ولم يقدم مغريات لمواطن ليحمل السلاح ويقاتل ، لم يقطع الجيش وعدا لمواطن بمال أو جاه حال القضاء على مليشيا الدعم السريع ،
إن الإنسان السوي لا يرفض السلام كما لا يحب الحرب ، لكن ماأقدمت على فعله المليشيا ولا زالت ، شكل دافعا فطريا لنسبة كبيرة من السودانيين والسودانيات الى حمل السلاح وحولهم الى فدائين يقدمون أرواحهم قرابينا للقضاء على السرطان الذي إستشرى في جسد السودان ، لكنه لم يوهنه ،
بل المدهش أنه كلما ذاد توغله في أرجاء السودان وذادت إنتهاكاته تكتسب صفوف المقاومة الشعبية أرتالا من الرجال والنساء ، نجد الآن أن غالبية شبابنا الذين كانوا يهتفون ضد جيش بلادهم في الأمس القريب ، قد خلدوا شخوصهم في سجل ناصع البياض بإنحيازهم لجيشهم الوطني ، وهو الموقف الطبيعي ، شباب من تجمع غاضبون قضوا نحبهم وهو يدافعون عن أنفسهم وإهلهم وعرضهم وممتلكاتهم ،
وآخرون لا زالوا يقاتلون الى جانب قواتهم المسلحة لا مجبورين ولا مكرهين ، إنما طائعين مختارين بفعل الدماء الحرة التي تجري في عروقهم فالحر يأبى أن يضام ،
لم نركن جميعنا نساء ورجال لأقوال بعض الحمقى بإن هذه مشكلة قيادة الجيش وقائد المليشيا ، ولم نعر آذاننا لقائل بأن هذه حرب فلول أو غيرهم ، ولم ولن نتوقف عند أراء أصحاب الضمائر الخربة وهم يشككون في دوافع الناس للإقبال على معسكرات التدريب أو بنسبة فعل المقاومة للإسلامين الذين ثار الشعب ضد حكمهم ، لا أحد منا يحب الحرب ويكره السلام ، إنما الفطرة السوية محبة للسلام ،
وأحسب أن الشعب السوداني برمته يجنح للسلم ويرجو اليوم قبل الغد توقف الحرب التي كأنها قدر ظل يلازم السودان منذ عقود ، فإن إستقر جزء منه ولو نسبيا يتزعزع آخر ، لكن السلام الذي يرجوه السوداني الحر ، سلاما يحفظ كرامته ويعيد ماأنتقص من هيبته ، ويقتص ممن زعزع أمنه وشرد أهله ونهب حقه وانتهك عرضه ،
نقول نعم لكل مبادرة سلام تقرن السلام بالعدالة ، نعم لكل مبادرة سلام تقدم توصيفا حقيقيا لطبيعة الحرب الدائرة الآن بغض النظر عن التفاصيل المتعلقة برغائب وأطماع السياسين من مختلف الأطراف المعلنة والمبطنة ، نعم لكل مبادرة سلام تحترم جيش البلاد الشرعي ، نعم لكل مبادرة سلام تنطلق من إحترام آدمية السوداني التي مست على أسوأ منوال ،
لا يحتاج صاحب العقل الى وقفة طويلة ليتفرس في وجوه المتداعيين الى المقاومة الشعبية ليخرج بنتيجة مفادها أن الشعب السوداني مجرد من أي انتماء حزبي أو قبلي اومناطقي خرج مقاوما لانتهاكات المليشيا ، وإن علت بعض الأصوات تتذكر مجدا درس وتبكي عهدا مضى فهذا شأنهم ، يغني المغنى وكل يهيم بليلى هواه ، ويظل هوانا هذا البلد الطيب أرض أسلافنا ومسقط رأسنا ، مهما تغربنا أوبعدنا هو المرجع والمأوى ، هو الأمن ، ولإجل هذا المعنى الكبير والإحساس الجميل بأن يظل لديك وطن تأوي إليه ،تدافعنا نساء ورجال لتلبية نداء الإستنفار ولسان حالنا ، إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ المليشيا المتمردة ويعلمها معنى كلمة وطن وإنتماء .