شريف المصري يكتب – الدور السياسي للمنظمات الاغاثية بالسودان مجلس اللاجئين النرويجي مثالا
___________
يشكل عمل المنظمات الإنسانية والإغاثية في الدول التي تشهد صراعات وأزمات، ثغرة من الممكن استغلالها تحت ستار المساعدات، من قبل الدول الطامعة في البلد المستهدف، لتحقيق أهداف سياسية تخدم مصالحها، وبخاصة عندما تكون تلك الدول ممول أساسي لهذه المنظمات.
وبعد قيام الثورة السودانية وسقوط حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير في أبريل 2019، حدثت حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد، تلاها العديد من الأزمات الأمنية والعسكرية والتي أدت في نهاية المطاف لنشوب صراع عسكري على امتداد البلاد.
وبطبيعة الحال، شكلت هذه الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعيشها البلاد، مبرراً هاماً لعودة المنظمات الإنسانية للسودان واستئناف نشاطاتها وعملها على امتداد البلاد.
لذا، وجدت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض أجهزة المخابرات الغربية، في المنظمات الإنسانية مدخل مناسب، لتدخلها في السودان، والعبث باستقراره، والتدخل بشؤونه الداخلية بما يحقق مصالحها، بشكل سري ومن خلف الكواليس، تحت ستار العمل الإنساني والاغاثي.
يعتبر المجلس أحد المنظمات الإنسانية الدولية الغير حكوميةNGO، وله العديد من الفروع والمكاتب في الكثير من الدول الأفريقية والآسيوية، كما يُعنى بشكل خاص بشؤون اللاجئين والنازحين، وكان قد استأنف أنشطته بالسودان، في عام 2020، بعد انقطاع دام حوالي 10 أعوام، ولديه ما يقارب الـ 345 موظف محلي ودولي ينشطون في السودان بمجالات عدة أهمها: الأمن الغذائي، المأوى، التعليم والتحدث من أجل الحقوق، المعلومات والمشورة والمساعدة القانونية، والحماية من العنف، والمياه والصرف الصحي والنظافة.
ووفقاً لإدارة المجلس فإنه يتلقى تمويله من عدة منظمات وحكومات غربية وأمريكية مثل المديرية العامة للمفوضية الأوروبية (DG INTPA)، ومكتب المساعدة الإنسانية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (BHA)، ومكتب السكان بالخارجية الأمريكية والهجرة (PRM)، والخارجية الألمانية (FFO)، والبنك السويسري، والخارجية البريطانية.
إلى جانب ذلك، تعد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، أحد أكبر الممولين للمجلس. وفقاً لتقريره السنوي لعام 2023 فقد تلقى من الوكالة الأمريكية للتنمية لوحدها 3,159,914 دولار أمريكي.
في سياق متصل، وبحسب بعض المصادر المحلية في الداخل السوداني، فإن جزء كبير من ميزانية المجلس لتنفيذ أنشطة تعليمية واستشارات حقوقية وقانونية للسكان، وبحجة تلك الأنشطة، قاموا بتدريب بعض الأشخاص على تنسيق الاحتجاجات والتحريض، عبر وسائل الاعلام، منذ يونيو 2020 وحتى اندلاع الصراع المسلح في السودان، لأهداف سياسية، بغطاء أنشطة تعليمية تثقيفية ومشورات قانونية.
وفي السياق ذاته، بحسب مصادر مطلعة، فقد أبلغ بعض المشاركين في تلك الأنشطة، بأن منسقي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قاموا بإجراء كورسات متخصصة متكاملة، ودورات تدريبية مستمرة منذ عام 2020 وحتى 2023، لمجموعات من الشبان والشابات، تلقوا خلالها تدريب متخصص حول كيفية تنظيم الاحتجاجات وقيادة المظاهرات، والتحريض في الشارع وعبر وسائل الاعلام، وإثارة الفتن والشغب، وجمع المعلومات الاستخباراتية، والتي أدت في نهاية المطاف إلى صراع مسلح، دمر البلاد وهجر سكانها، تحت ستار “تنفيذ أنشطة ودورات تعليمية”.
وبحسب الموقع الرسمي لمجلس اللاجئين النرويجي، يتم تخصيص مبلغ يتراوح من 1-3 مليون دولار سنوياً للبرامج التعليمية والمساعدة الاستشارية والقانونية، كما أنه وفقاً للإحصائيات، فإن أكثر من 47 ألف مواطن سوداني، شاركوا في البرامج التعليمية والاستشارية والمعلومات والمساعدة القانونية لعام 2023 فقط، وأكثر من 44 ألف شخص في 2022 في مدن مختلفة من السودان.
إلى جانب ذلك، أِشار بعض المراقبين، إلى عدم حيادية المجلس حتى في موقفه من الصراع الدائر على الأرض، فمن خلال الاطلاع على التقارير والمنشورات على المواقع الرسمي للمجلس منذ عام 2021 وحتى عام 2024 يتم ملاحظة، تركيزهم بشكل واضح، على الأزمات والقصص الإنسانية التي تحدث في مناطق محددة دون غيرها ما يستدعي التشكيك في حيادية تلك التقارير.