الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز – جديد جدة!!
الخميس الماضي ترأس رئيس مجلس السيادة الإنقلابي عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، اجتماعاً مشتركاً لمجلسي السيادة والوزراء ناقش فيه الاوضاع في البلاد واتخذ عدداً من القرارات، وشددت حكومة الأمر الواقع على التزامها بالتفاوض مع الدعم السريع في منبر جدة، الذي ترعاه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ورفضت نقل التفاوض إلى أي مكان آخر.
وعود على بدء، من الذي قاد المحاولات لنقل منبر جدة إلى مكان آخر؟ الإجابة هي الحكومة نفسها، فزيارات البرهان لدول شرق أفريقيا هي التي حركت الإيغاد، ولكن عندما لم تأت رياحها كما تشتهي سفن (الفلول) غيروا وجهة السفينة وأجهضوا (الإيغاد) وركبوا موجة (إيران) وظنوا أنها ستنجيهم من الطوفان.
في المقابل دفع البرهان بنائبه الكباشي إلى المنامة وإلتقى هناك بقائد ثاني الدعم السريع عبدالرحيم دقلو وقطعا شوطاً في التفاوض وكادا أن يوقعا على إتفاق لإطلاق النار ونقل مراسم التوقيع النهائي إلى جدة، ولكن البرهان قطع الطريق خوفاً من أن اسبتعاده هو وحميدتي من الحكم مستقبلاً.
في المقابل حدثت تطورات جديدة في المشهد بدأت باشعال الدعم السريع للحرب الإقتصادية بقطعه لشبكات الإتصال، وفي الأثناء شهدت قاعدتي وادي سيدنا وجبل سركاب إنقلاباً من ضباط ممسكون بمفاصل العمليات ولهم قبول وسط الجنود فضلاً عن علاقتهم بالحركة الإسلامية المسيطرة على الحكم في البلاد، ومهما حاول أنصار البرهان التقليل من شأن المحاولة الانقلابية الرجل مدرك لخطورتها وتأثيرها على تماسك الجيش.
صحيح أن إيران تحتاج للسودان في هذا التوقيت بالذات ولن تجد صعوبة في دعمه عسكرياً ولكنها لا تفعل هذا إلا بمقابل فهي تعاني من أوضاع إقتصادية خانقة نتيجة الحصار المفروض عليها، كما أن الفرس لا يدفعون مالاً لتنمية الدول وشاهد العدل على ذلك تنصلهم من تمويل طريق (الجبلين – ملكال) وبالتالي ثمن هذه العلاقات لن تستطيع حكومة الأمر الواقع سداده، كما أنها ستواجه هجوماً من السعودية التي تخشى التفاف إيران عليها من حدودها الغربية وكذلك من إسرائيل التي تخشى عودة إيران لتصدير السلاح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر البحر الأحمر فضلاً عن أن الخليج لا يرغب في تكرار تجربة الحوثيين في اليمن من جديد.
يحدث كل هذا والأوضاع في الداخل تزداد سوءًا والجوع يهدد ملايين السودانيين والجبهة الداخلية (مفككة) وغير قادرة على التماسك ونائب البرهان نفسه (مالك عقار) قال ذلك بكل صراحة ووضوح وتجرد، وأخطر ما في الأمر حكومة الأمر الواقع بدأت خسران أهم حليف لها (جمهورية مصر العربية) وذلك بعد أن سربت المعلومات الخاصة بلقاء البحرين التي كانت القاهرة جزء منه ..صناع الرأي العام المصري يتحدثون بشكل واضح هذه الأيام عن علو كعب الإخوان وتراجع تماسك الجيش السوداني …كل هذه الضغوط التي ذكرناها مجتمعة جعلت البرهان يجمع الحكومة ويعلن أنه مع منبر جدة حتى يقول هذه المرة إن القرار ليس قراره وإنما قرار حكومته في حين أنه يدرك جيداً أن التفاوض في جدة لن يكون بين الحكومة والدعم السريع وإنما (الجيش والدعم السريع)!!