مصر والمتمرد المهزوم
مصر والمتمرد المهزوم – عمادالدين السنوسي
جاء الهجوم الضاري الذي شنه قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي خلال خطابه الأخير على مصر وما تبعه من قرارات يمكن وصفها بالمضحكة بمنع تصدير مواد غذائية من مناطق نفوذ الميليشيا إلي مصر ليعبر عن حجم وتأثير الدور المصري في السودان، وطبيعة التحركات المصرية التي تهز كيان ميليشيا التمرد بصورة دفعت زعيم المتمردين لخلع قناع رجل الدولة الهادىء الطباع الذي يرتديه مع كل ظهور في محاولة لاخفاء وجهه الحقيقي الذى فضحته جرائم الميليشيا بحق السودان وشعبها.
اتهامات حميدتي الباطلة بحق القاهرة، مجرد محاولة من متمرد مهزوم اقتربت نهايته لممارسة ضغوط على الدولة الأكبر بالمنطقة والأكثر تأثيرا في المشهد السوداني لتقبل وجوده في مستقبل السودان الذي تشارك مصر بحكم التاريخ والجغرافيا في صياغته مع شرفاء السودان ومؤسساته الوطنية.
كعادتها، كانت مصر ثابتة أمام اتهامات المتمرد المهزوم، اكتفت ببيان دبلوماسي عن وزارة الخارجية دون أن تعيره اهتماما يمنحه شرف أن تذكره أو ترد عليه مؤسسات الدولة المصرية التي تعرف قدر نفسها ، وتدرك حجم المخاطر التي تحيق بالدولة الشقيقة وكم المؤامرات التي يتعرض لها السودان.
التحركات المصرية في ملف السودان أبعد ما تكون عن اتهامات ذلك المتمرد المهزوم، فمصر ليست بحاجة للقيام بما يدعيه، والرد المصري ربما جاء أوقع كثيرا على ذلك الحميدتي الذى ظن أن اتهاماته قد تهدد القاهرة أو أن الصمت في التعامل مع هذه الاتهامات ضعف أو استكانة.
مصر التي لم تغب يوما عن السودان، ولم تتوقف تحركاتها وجهودها الدبلوماسية من أجل لم الشمل ووقف الحرب التي أحرقت الأخضر واليابس جاء ردها أقوي مما يتخيل المتمرد المهزوم وأصعب مما كان يتوقع.
فبحسب مصادر فقد بدأت تحركات مصرية في التواصل مع عناصر وقيادات داخل ميليشيا التمرد من أجل اقناعهم بالعودة الطوعية وإلقاء السلاح والاستسلام للجيش السوداني وهو ما حدث بالامس مع قائد الميليشيا بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل الذى استسلم رفقة مقاتليه للجيش السوداني في ضربة قاصمة للمتمرد المهزوم سيكون لها تداعيات كبيرة على قوة الدعم السريع وقد تشجع أطراف وقيادات أخري بانتهاج نهج كيكل .
استسلام كيكل وعودته للجيش السوداني هو رسالة نجاح جديدة للقاهرة، وللقائمين على ملف السودان داخل الدولة المصرية التي تتحرك بدوافع وطنية عربية خالصة ليس فقط لوقف الحرب بل لإنهاء التمرد وتفتيت أركان الميليشيا وأعمدتها الرئيسية بصورة يصبح معها سقوط الميليشيا وإنهاء وجودها أمرا حتميا بحيث يصبح الجيش السوداني هو القوة المسلحة الوحيدة داخل البلاد وهو ما يضمن عدم تكرار مأساة الحرب مرة أخري .
اعتقد أن استسلام كيكل لن يكون أخر الضربات التي يتلقاها المتمرد المهزوم حميدتي، فالأيام المقبلة قد تشهد المزيد من العودة الطوعية لقيادات الدعم السريع لحضن الوطن وإلقاء السلاح وإن شئنا الدقة لنقول تغيير وجهة السلاح فبدلا من استهداف أبناء الوطن وحماته، سيتم ضبطه على وجهته الصحيحة، ليكون موجها فقط في وجه أعداء السودان من عصابة أل دقلو المتمردة.