مقالات الرأي

خلف الاسوار – سهير عبدالرحيم – أوسلي تناديكم ….. أوسلي تحت الماء

__________________

إنها السيول …. تلك المياه العمياء … شديدة البأس عظيمة الضرر… ضعيفة البصر والبصيرة …. لا تستطيع التفرقة بين من تجتاح وأين تجتاح وكيف تجتاح ….هي متمردة على كل عون وعطف ودعم … لا يهمها من يقف أمامها إن كان جبلاً أو حجراً، إن كان شجرة أو غصناً، إن كان منزلاً اسمنتياً أو كان من أخوات الجالوص … هي هي تدك الجميع تحت أقدامها بلا رحمة .

إنها السيول …. تركت الصحارى و الوديان والقفار الموحشة ولملمت أطراف ثوبها وحزمت أمرها على غزو أوسلي…. أوسلي الولوفة…. أوسلي الوديعة المسترخية على ضفاف النيل منذ نعومة أظافرها لا يكدر صفوها ضوضاء ولا يعلو صوت فوق صوت مآذنها المرفوعة بالتكبير والتهليل والحمد والثناء خمسات اليوم، و سواقيها المدوزنة عطاءً وهبة.

أُخذت أوسلي على حين غرة بسيول لم تراعِ حقوق الجيرة واتفاقيات الماضي الموقعة دون طاولة مفاوضات ملزمة للسيول أن تشق طريقها في الصحراء دون أن تؤذي طمأنينة أوسلي و أهلها الطيبين ولكنه عصر الغدر وزمان نقض الاتفاقيات فصارت الكثير من المياه تعبر تحت الجسر .

غدروا أهالي أوسلي وهم نيام، لم تراعِ المياه حرمة الديار ولا سكينة القوم ، دخلت منازلهم دون أن تطرق الأبواب، اقتلعت الأوتاد والأسقف دون استئذان وتركتهم رفقاء للشمس والقمر والسموم والهجير، سرقت النوم و وسادته والعافية والأغطية ومؤونة الشتاء والصيف .

الأرقام الأولية تتحدث عن أكثر من 100 منزل ذابت تماماً كالملح، وأكثر من 300 منزل تضررت ضرراً بالغاً ، أما الجنائن والحدائق والثمار فقد صارت أثراً بعد عين و حظائر الماشية من خراف وماعز وأبقار ودواجن اختفت بما فيها تحت الماء ، استيقظ الكثيرون فلم يجدوا لا حظائرهم ولا أبوابها ولا مابداخلها.

حتى بيوت الله تجرأت السيول عليها فأصابها الكثير من التصدع والإغراق فصمت صوت الأَذان وتكبيرات المصلين وصارت همهمات الاستغفار و الحمد لله تخرج من تحت الأنقاض و بجانب الحوائط المتكلة بالوجع .

لا صوت يعلو في أوسلي الآن غير هدير المياه وصراخ السيل في طريقه إليهم ورائحة البيوت تحت الماء وسخرية الثعابين والعقارب وهي تمد ألسنتها لهم.

أهالي أوسلي المعروفون والمعلوم عنهم عزة النفس والأنفة انكفأوا يخيطون جراحهم و يلملمون بقايا عافيتهم عبر أبنائهم داخل وخارج السودان دون أن يطلبوا الناس إلحافاً.

ولكنها أوسلي وطن القماري والطنابير و ود ابنعوف ومهيرة بت عبود ، بلد القُنديل والبركاوي والمحبة والمروءة صاحبة المآذن و خلاوى القرآن وحفظة كتاب الله ..

أعينوها يا مجلس السيادة، خُفوا إليها يا والي الشمالية و وزير الصحة و وزير الري والموارد المائية، مدوا الأيادي إليها يا منظمات العون الإنساني، ادعموها بالخيام ومياه الشرب و المواد التموينية والأدوية المنقذة للحياة والأمصال و كل دعم مادي وعيني.

خارج السور:

كعادتي في مثل هذه المبادرات التي أطلقها لا استقبل أموالاً في حسابي الخاص ، لذلك سأنشر على صفحتي الرسمية رقم حساب غرفة الطوارئ في أوسلي

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى