جنيف والتدخل العسكري لأغراض إنسانية في السودان!
بقلم – اشرف عبدالعزيز
أصدرت مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان”، التي تضم مصر، والسعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأمريكا، وسويسرا، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، بيانا بشأن نتائج الاجتماعات التي عقدت الأسبوع الماضي في جنيف حول الأزمة في السودان.
البيان أوضح أن الحرب في السودان أجبرت 10 ملايين شخص على الفرار من منازلهم، وتعرض أكثر من 25 مليون شخص إلى ارتفاع حاد في الجوع.
وأكد البيان نجاح المجموعة، انطلاقًا من إعلان جدة في تأمين إعادة فتح وتوسيع طرق إيصال الغذاء، والدواء والخدمات الطارئة لملايين السودانيين بمشاركة الجيش، والدعم السريع والحصول على ضمانات من طرفي الصراع لتأمين إيصال المساعدات الإنسانية عبر ممرين؛ هما معبر الحدود الغربي في دارفور قرب أدري وطريق الدبة الذي يمكن الوصول إليه من بورتسودان.
وفي قراءة سريعة لبيان جنيف، وموقف المجموعة، نلاحظ أن المجموعة حصلت ولأول مرة منذ اندلاع الحرب في السودان على التزامات بتحسين حماية المدنيين، وإعداد إطار عمل لضمان امتثال الطرفين لإعلان جدة وأي اتفاقيات مستقبلية بينهما، وهو ما يعني ضرورة التزام طرفي الحرب بـ”الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارًا للمدنيين”، و”التأكيد على حماية المدنيين”، و”احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان”.
هذا التحالف الجديد، الذي يضم الدول التي أشرنا اليها إلى جانب الاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، سيعمل مع المجتمع الدولي لإقرار إجراءات أكبر لإنقاذ أرواح المدنيين، والسعي لتحقيق السلام في السودان، ووضع قواعد سلوك جديدة للأطراف المتحاربة، والامتثال للالتزامات السابقة دون أن يوضح التحالف كيفية التوصل لآليات تنفيذ هذه الأهداف.
إلا أننا لاحظنا إعلان التحالف الدولي عما يسمى “بذرة تحول لتحالف عسكري” أمام صعوبة اتخاذ قرار دولي من مجلس الأمن في ظل الانقسام الحاد بين أطراف المجتمع الدولي، والدول دائمة العضوية في المجلس.
وهُنا قد يستند التحالف إلى شرعية أممية قديمة، وهي “التدخل لأغراض إنسانية” التي أعيد طرحها بقوة إبان فترة قيادة كوفي عنان للأمم المتحدة الذي دعا حينها إلى تبني الأمم المتحدة فكرة “التدخل لأغراض إنسانية وحماية المدنيين”.
ولكن هذا المفهوم يثير جدلًا تاريخيًا بين فقهاء القانون الدولي حول ما إذا كان هذا المبدأ له سند في القانون الدولي أم أنه يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة.
ويبدو أن التحالف قد أدرك مؤخرًا أن قضية السلام في السودان قد وصلت إلى طريق مسدود، وقد حان الوقت أن يتخذ قرارات تمكنه من إنقاذ الشعب السوداني الذي تحاصره المجاعة، والكوارث، وتقليل مخاطر تهديد حرب السودان لاستقرار الإقليم أيضًا.
وإن تحقيق هذا الهدف بعد فشل المفاوضات، لن يتم إلا بالقوة؛ إذ لم يعد أمام التحالف إلا استخدام القوة لا سيما أن غايته في انسياب المساعدات واجهت ردًّا بقصف عسكري مباشر في دارفور وهذه رسالة لمن يريدون إيصال المساعدات الإنسانية.
فهل ينجح التحالف في استصدار قرار من مجلس الأمن يخوِّل له التدخل العسكري في الأزمة السودانية؟ وماذا إذا استخدمت روسيا، أو الصين الفيتو ضد قرار كهذا؟! هل هنا سيلجأ التحالف إلى التدخل العسكري خارج مظلة مجلس الأمن كما حدث في “تحالف الراغبين” الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق، و”التحالف الدولي العسكري” الذي قادته دول حلف الناتو في ليبيا، وكانت جميع نتائجها كارثية على العراق، وليبيا، ولا تزال نتائجها تؤثر على واقع الدولتين إلى اليوم؟!