بينما يمضى الوقت – أمل أبو القاسم – (لسان الشعب).. وما بين السلم والاستسلام
________________
تعود الشعب السودانى على سرقة لسانه وقد اصبح مطية لأصحاب الغرض والمرض يعبرون به عن أجندتهم وأهدافهم المخبؤة تحت فمه وهم لا ينفكون ومع كل حدث: الشعب يريد، الشعب يرفض، الشعب قال كلمته… وهكذا دواليك.. كل ذلك والشعب المفترى عليه مغيب ولا ناقة له ولا جمل في إلصاق القول به من النخب التى تتصارع وتتقارع وتتهاتر بغية مطامعها وتحقيق مكاسبها.
دعكم من كل ما مضى. الآن وكلما لاحت فرصة للتفاوض أو (جات سيرتو ساي) تقوم الدنيا ولا تقعد إلا بتهدئة من ولاة الأمر.
وفي أمر التفاوض الذي برز بشدة إلى السطح مجددا مع احتمالات الخوض فيه عادت ذات سرقة السنة الشعب ما بين: لا للتفاوض من اليمين وابواقه، واليسار وابواقه، ولكل في ذلك اجندته ومصالحه التى ربما يقطعها التفاوض أو السلم. وبالنسبة لليسار الذي ينشط وبحماس في مسألة تفعيل المفاوضات وقبول المبادرات، متزرعين في ذلك بتردى الأوضاع الإنسانية وغير ذلك. مالكم انتم والإنسانية وانتم أسها؟! هل ادان أحدكم يوما المليشيا، وان فعلها وخيفة من أسياده يردفها (بطرفي). والعجيب الجرأة في المبررات وناطق تقدم (بكري الجاك) أو عضوها وبكل بجاحة يبرر دعم دولة الإمارات للمليشيا بأنها تدافع عن مصالحها في السودان، بعد التأكيد في تصريحه إنها وبحسب الأدلة متورطة ثم يسوق لها المبررات! اما سرقة لسان الشعب في رغبته التفاوض يسوقون ويستعجلون بها العودة للمقاعد التى فقدوها، وضرورة الجلوس عليها ولو على جماجم المواطنين مرورا بخوضهم دماء الشهداء التى عطنت أراضي السودان. (انتوا بالذات (اخرسوا خالص).
إن ارادت القيادة أو المعنيين بالبحث عن السلم فعليهم إرسال فرق للشعب السودانى الحقيقي، الشعب البسيط الذي يعيش واقعا لا يعلمه سارقى لسانه حتى وان اظهروا ان موقفهم لأجلهم وهم لم ولن يعايشوا واقعهم طالما انهم واولادهم في نعيم اللجؤ.
اسألوا اولئك الذين بالخيام أو العراء، في المعسكرات والأحراش تتناوب عليهم الحشرات، ويتكالب عليهم الجوع والعطش والمرض، الذين يفترشون الأرض ويتلتحفون سماء ترميهم بفيضها .
اسألوا اللاتى أسرن من فتياتنا ونساءنا هناك في أسواق العبودية يعرضن في سوق النخاسة يتبضع بهن ضمن تجارة الجنس.
اسالوا اولئك المشردين في المدن داخل وخارج السودان كيف يعيشون حياتهم والتسول كاد ان يمسح وجههم من مزع اللحم. مجبرون لا مخيرون.
أهلنا في ولايات دارفور وكردفان وقد بلغ بهم الضيق مبلغا. اسألوا كل هؤلاء ان كانوا يرغبون في السلام أو تمدد الحرب.. هؤلاء هم الشعب الذي لم يستفتيه أحد.
نعم كل ما ذكرت من أوجاع هو بفعل المليشيا التى افرغت حربها على الجيش في المواطن. فعلت كل ذلك وأكثر بكثير وهو معلوم بالضرورة لكنها الحرب ومعروف ان تكلفة الحروب عظيمة.
فعلت المليشيا كل ذلك وأكثر بسلوك الغاب ومع ذلك لم تحصد ما تبتغيه من أهداف لرعاتها حتى بعد اقتحامها لعدد من القرى والمدن، ثم زادت من تنكليها ترمى بذلك ضغطا على القيادة حتى تلوى يدها وتركعها ثم لتقودها صاغرة لتفاوض تدس فيه اجندتها وأهدافها. لكن هيهات فكلما زادت في ضغطها زاد الإصرار على عدم الذهاب في أي تفاوض، وردد القائد العام للجيش ذلك كثيرا سيما في الآونة الأخيرة حتى أجبرها ان تحضر إليه تجر اذيال الهزيمة والخيبة.
ولأن الحروب فى التأريخ الإسلامى والتأريخ الحديث تنتهى بالتفاوض (المشروط) فقد انبرت كثير من الدول الشقيقة المخلصة حقا للسودان وأهله (مصر نموذجا) لطى هذه الفترة العصيبة من عمر السودان، وذلك على مراحل ابتدرتها بالجوانب الإنسانية كونها الأهم، ثم تأتى المراحل تباعا حتى سلام مستدام.
قال الله تعالى في محكم تنزيله (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) | الآية 61 من سورة الأنفال. وسبقتها الآيات ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)
هذا وقد ادى المحاربون من القوات المسلحة، والمشتركة، وجهاز الأمن، والمستنفرين دورهم كاملا وما زالوا لم ولن تلين لهم عزيمة يحدوهم الاخلاص والغيرة على أرض الوطن، ولا اعتقد انهم سيخالفون قيادتهم الرأى كما يصور البعض لجهة انهم تخرجوا من كليات وتدربوا على كل أمر يلي الحروب.
أما القيادة فلم نشك يوما في سعيها للحفاظ على المواطن ورد حقوقه، وحفظ كرامته، ودونكم منبر جدة الذى تمترس حول الشروط التى وضعها ولم بتنازل عنها حتى تأريخه.
نعم هناك غبن، وشرخ، وجروح صعب ان تندمل، لكن ربما القصاص والعقاب على كل تلكم الجرائم والغلظة في تنفيذها يشفي الصدور إلى حد. دعوا القيادة تذهب وثقوا فيها فلن (تبيعكم) أو تنتقص من كرامتكم، وهي ذاهبة منتصرة مرفوعة الرأس وليست مستسلمة وسيظل جنودها فى الميدان إلى ان يقضى الله أمرا كان مفعولا.