أحرف حرة – إبتسام الشيخ – زيارة أبي احمد.. مكاسب إستراتيجية وتكتيكية
__________________________
إن المتغير الإقليمي الجديد والذي أثر بشكل مباشر في المخطط الدولي الرامي الى اعادة تشكيل المنطقة وتقاسم ثرواتها دفع بالمجتمع الاقليمي للتدخل لانقاذ مايمكن انقاذه من الخطة ، فكان لابد ان يستجيب للتغير في الخطة الاستراتيجية للدول المؤثرة ،
في هذا الإطار إبتدرت عدد من الدول خُطوات ربما تسهم في إخراج السودان من عزلته الدولية والإقليمية وتسهم في توقف الحرب التي تطاول أمدها وعمقت أزمة السودان ، وفي ذات الوقت تتوافق مع مصالح تلك الدول ،
قبل نحو أكثر من أسبوع كان قد قال الرئيس الأثيوبي أبي أحمد حديثا مهما امام برلمان بلاده ، ( نحن لن نفعل كما فعل السودانيون ، سنكون افضل ، لن نستغل الظروف ونسترد الفشقة ) ،
قال حديثه ذاك وهرول الى السودان في زيارة خاطفة ، حققت لبلادنا مكسبين مهمين فيما يتعلق بقضية الحرب ،
مكسب استراتيجي تمثل في أن تتصالح اثيوببا حاضنة الإتحاد الافريقي ودولة المأوى مع السودان المعزول افريقيا بعد عداء جاهر ،
ومكسب تكتيكي يتمثل في تحجيم دعم أثيوبيا لمليشيا الدعم السريع وإيقاف تدفق المقاتلين الأثيوبين إلى السودان ، فهنالك معلومات تفيد بتواجد ما يقارب 3.000 مرتزق إثيوبي بكامل عتادهم في طريقهم إلى السودان عن طريق النيل الأزرق ، جهزهم الجيش الأثيوبي بواسطة الإمارات ) ،
الرئيس الأثيوبي يعلم كما يعلم الكثير من المراقبين أنه لن يستطيع إسترداد الفشقة ، فقط أراد مغازلة السودان ، كي يمنع ما يشكل مهددا لأمن أثيوببا القومي ،
فقد نهضت إثنية التقراي من جديد وألهبت تلك المنطقة ، وكان أبي أحمد في السابق يكافحهم بإثنية الأمهرا ،
والآن الجميع ضده ، فلو تجرأ وحرك قواته لإسترداد الفشقة حتما ستُباد عن بكرة أبيها .
من ناحية أخرى معلوم أن الدول ذات التأثير الكبير في المشهد الدولي الآن تسعى ضمن مخططاتها لأن تفصل دارفور ، ولما صُعب عليها ذلك غيرت خطتها لإجتياح اقليم النيل الازرق وسنار وسنجة ، حتى تتمكن من فتح نفاج يُسهل عبور المليشيات المسلحة الأثيوببة لتسند مليشيا الدعم السريع ،
وهذا الأمر جعل من منطقة النيل الازرق الملاصقة للحدود الاثيوبية منطقة عمليات نشطة ،
ومعلوم أيضا أن هذه المنطقة ليست في ايدي الحكومة الأثيوبية بنسبة مائة بالمئة ،
بالتالي فإن هذا من شأنه أن يشكل دافعا لإثنية الارومو للدخول في القتال والتمرد أكثر ، ما يعني تهديدا فعليا لسد النهضة بفتح هذا المسار ، فضلا عن أن ابي احمد يخشى أن يدعم السودان تحالف الامهرا والتقراي في حراكهم ضده فيهتز عرشه ،
مضافا الى ذلك أن الرئيس الأثيوبي يعاني ضغطا مجتمعيا داخليا سببه الحراك الكبير لأُسر المرتزقة الأثيوبين الذين دخلوا مقاتلين في صف مليشيا الدعم السريع بأعداد مهولة وتم قتلهم وأسرهم في المعارك ، وهي مسألة خلخلت الأرض تحت أقدامه ،
إذا فيما أرى فإن مثلث جبهة النيل الازرق وحوض سد النهضة و حراك أسر المرتزقة الأثيوبين الذين يقاتلون في صف مليشيا الدعم السريع ، شكل مهددات دفعت أبي احمد الى عدم إتباع أمريكا هذه المرة والإتجاه نحو السودان ومعانقة البرهان على النحو الذي نقلته الكاميرات وكثرت حوله التعليقات .
حفظ الله البلاد والعباد