بين أزيز الرصاص وأحلام الغد: طلاب السودان يخوضون معركة التعليم

خاص – نبض السودان

وسط مشاهد الحرب والدمار التي تخيم على السودان، يظل الأمل في مستقبل أفضل حاضرًا من خلال إصرار الشعب على استمرار التعليم، باعتباره منارة للصمود والتحدي.

في هذا السياق، انطلقت امتحانات الشهادة السودانية (الثانوية العامة) اليوم السبت، 28 ديسمبر 2024، بعد تأجيلها من العام الماضي.

وبرغم النزوح والخوف والجوع، جلس 343,644 طالبًا وطالبة على مقاعد الامتحانات في 2,300 مركز داخل السودان وخارجه، متشبثين بحلم النجاح رغم كل التحديات.

استعدادات شاملة وسط التحديات

أكدت وزارة التربية والتعليم اكتمال كافة الاستعدادات لانطلاق الامتحانات. وذكر الدكتور أحمد خليفة عمر، وزير التربية والتعليم المفوض، أن جميع أرقام الجلوس وصلت إلى المراكز ، كما خصصت الوزارة مراكز إضافية في عطبرة والدامر لاستيعاب 120,724 طالبًا نزحوا من ولايات غير آمنة بسبب النزاع.

قرع الأجراس في ولايات السودان

جسد قادة السودان رمزية دعم التعليم عبر قرع أجراس الامتحانات في مختلف الولايات، ففي ولاية كسلا، قرع نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، الجرس من مدرسة الثانوية بنات.

على مستوى الولايات، تكاتفت الجهود لضمان سير الامتحانات بسلاسة، ففي ولاية البحر الأحمر، تم تجهيز 117 مركزًا، منها 39 مركزًا خصصت للطلاب الوافدين الذين بلغ عددهم 6,908 من إجمالي 28,428 طالبًا وطالبة.

أما ولاية القضارف، فقد استقبلت 27,580 طالبًا وطالبة موزعين على 129 مركزًا.

وفي البحر الأحمر، أشرف اللواء شرطة (م) خليل باشا سايرين على افتتاح الامتحانات بمدرسة بورتسودان الحكومية النموذجية للبنات، مؤكدًا اهتمام الدولة بمواصلة العملية التعليمية رغم الظروف الصعبة.

وفي ولاية القضارف، قرع والي الولاية الفريق الركن محمد أحمد حسن أحمد الجرس إيذانًا بانطلاق الامتحانات، مشددًا على أهمية التركيز لتحقيق نتائج متميزة رغم الظروف الراهنة.

دور مصر في دعم الامتحانات

خارج حدود السودان، أكملت السفارة السودانية في مصر استعداداتها لاستقبال 28,782 طالبًا وطالبة. توزع الطلاب بين القاهرة والجيزة (25,833 طالبًا)، الإسكندرية (2,139 طالبًا)، وأسوان (810 طلاب).

ودشن وزير الخارجية السوداني، د. علي يوسف، وسفير السودان بالقاهرة، الفريق أول ركن مهندس عماد الدين مصطفى عدوي، اليوم السبت 28 ديسمبر 2024، انطلاق امتحانات الشهادة السودانية بمركز مدرسة السعيدية بالجيزة، جرت العملية وسط إجراءات أمنية مشددة، وتم دخول الطالبات بسلاسة بعد التحقق من هوياتهن وأرقام الجلوس.

تفقد الوزير والسفير لجان الامتحانات، واطمأنا على التجهيزات الطبية وسير الامتحانات، كما طمأنا أولياء الأمور على سير العملية، مما لاقى ارتياحًا واسعًا.

وأكد المستشار الثقافي بالسفارة، د. عاصم أحمد حسن، بدء الامتحانات في 29 مركزًا، مشيدًا بالتنسيق الناجح بين السفارة السودانية والسلطات المصرية، خاصة وزارات الخارجية والداخلية والتعليم، إلى جانب تعاون مديري المدارس المصرية.

وأشاد السفير السوداني بدعم القيادة المصرية، التي وفرت التسهيلات لضمان سير الامتحانات بسلاسة. كما أُنشئت لجنة عليا برئاسة المستشار الثقافي الدكتور عاصم للتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم في البلدين.

تحديات غير مسبوقة

تجرى الامتحانات في ظل ظروف قاسية خلفتها الحرب، حيث يعاني الطلاب وأسرهم من النزوح، انعدام الأمن، وأزمات إنسانية خانقة. من المتوقع أن يتم قطع خدمة الإنترنت خلال فترة الامتحانات كإجراء احترازي لمنع الغش وضمان نزاهة العملية التعليمية.

رسالة أمل

تمثل امتحانات هذا العام رمزًا للصمود في وجه المحن، الطلاب الذين جلسوا على مقاعد الامتحانات تجاوزوا معاناة الحرب والنزوح ليؤكدوا أن التعليم هو الأمل الذي يضيء طريقهم نحو مستقبل أفضل.

رغم التحديات الجسيمة، أثبت السودان مجددًا أن إرادة التعليم أقوى من كل الظروف. امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام هي شهادة على عزم الطلاب والمجتمع بأكمله على مواجهة المحن وتحقيق حلم النجاح، في انتظار أن تحمل الأيام القادمة مستقبلًا أكثر استقرارًا وسلامًا.