تشاد تصفع حميدتي
رصد _ نبض السودان
يري جبرين عيسى – المحلل السياسي التشادي و الرئيس التنفيذي للمركز العربي الأفريقي للإستثمار أن إقالة ادريس يوسف بوي ، مدير مكتب الرئيس التشادي محمد ادريس ديبي، قد تكون في سياق محاولة محمد ديبي وضع حلول لمأزق التعاون مع الدعم السريع وحل الخلاف مع السودان خاصة بعد الضغوط الامريكية التي مورست على الامارات من اجل وقف دعم قوات الدعم السريع وهو قد يكون مؤشراً أن امريكا تريد انهاء الحرب في السودان وعلى الداعمين لكل الاطراف التوقف عن دعمهم ونظام محمد ديبي ليس استثناء وقد يطال الامر حكام جنوب ليبيا ” حفتر ” وحكام افريقيا الوسطى وجنوب السودان.
وقال أنه من المؤكد أن اقالة الجنرال ادريس يوسف بوي صاحب النفوذ الكبير “سابقاً ” ستكون له تداعيات كبيرة على الداخل و الخار، لافتا أنه في الداخل سيشعر كثير من الجنرالات الذين تم اقالتهم في الثلاثة سنوات الماضية بالارتياح، وقد تمثل تلك الإقالة نقطة تحول في معارضتهم لسياسات محمد ديبي خاصة بخصوص ملف السودان ودعم قوات حميدتي.
وبحسب عيسي فإن كثيرين من ابناء الزغاوة ” زغاوة السودان ” بالارتياح بسبب مواقف ادريس يوسف بوي العلنية ضدهم وضد تواجدهم في تشاد، كذلك هناك وزراء في الحكومة الحالية كانت لديهم خلافات خاصة مع ادريس يوسف بوي سيشعرون بالرضى من هذه الاقالة.
أما على المستوى الدولي، يري المحلل التشادي أن خسارة حليف مثل مدير مكتب الرئيس سيكون وقعه شديد على داعمي الجنرال حميدتي قائد الدعم السريع في السودان
ويضيف ” لكن السؤال الاهم الذي يدور في الشارع التشادي اليوم ، هل تم الاقالة بناء على عدم رضى محمد ديبي من ذراعه الايمن وحليفه الذي سانده للوصول الى سدة الحكم ام ان هناك امر دبر بليل بين الجنرال ديبي والجنرال ادريس بوي ؟
وتابع ” لكن المؤكد خلال العام الحالي ان ادريس بوي تم تهميشه بشكل متعمد منذ جريمة اختلاس اموال الدولة التي اتهم فيها ادريس بوي وتم ايداعه السجن ثم خرج بامر من محمد ديبي. ”.
وذكر محمد ديبي في كتابه ” من البادية الى الرئاسة ” ، أن إدريس يوسف بوي اختلس اموال من الدولة ” ١٣ مليار فرنك افريقي ” لكن بعد ان اعترف واعاد الاموال تم اخلاء سبيله وسامحه الرئيس “باضافة الى فشله في مهامه بشكل مرضى.
هناك سؤال أخر يدور في ذهني قد تجيب عنه الايام القادمة، هل ابتعاد محمد ديبي عن ادريس يوسف بوي واقالته جاءت نتيجة فشل الأخير في توطيد العلاقات مع الإمارات والحصول على دعم مالي بعد زيارة الاسبوع الماضي التي قام بها ادريس يوسف بوي مع الاخ غير الشقيق للرئيس دواسا ادريس ديبي ” السكرتير الخاص للرئيس !!
وبعد رفض الرئيس الاماراتي الشيخ محمد بن زايد استقبال محمد ديبي لمرتين في العام الحالي والماضي بالرغم من مكوثه في الإمارات عدة أيام حيث أن ”الامارات قدمت دعم لتشاد بحوالي ٥٠٠ مليون من مجموع مليار ونصف دولار وعدت بها الامارات تشاد، كما قدمت الامارات مدرعات لقوات التدخل السريع التشادية وسيارات ومعدات مدنية ناهيك عن المعونات الانسانية”.
السؤال الاخر هل سيعيد محمد ديبي علاقته بفرنسا بعد فشل كل السبل للحصول على دعم مالي من عدة جهات للخروج من الازمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد ؟
وهل لزيارة منظمة رجال الاعمال الفرنسيين في افريقيا الى انجمينا قبل ايام واجتماعهم مع وزير المالية طاهر انقلي وقطعهم وعود بالاستثمار في مائة مشروع في تشاد خاصة في مجال الطاقة والمياه والبنية التحتية دور في اقالة ادريس بوي ؟
ويري أن إقالة ادريس يوسف بوي قد تكون فرصة لمحمد ديبي لترميم علاقته مع حلفاء اخرين بعيد عن حلفاء الامس خاصة ان دول مثل السعودية وقطر ومصر وامريكا لديها مصالح مشتركة مع تشاد وقد تساهم بطرق مختلفة في اخراج تشاد من الازمة المالية التي تعيشها ومأزق حرب السودان الذي اثر بشكل واسع على قرار اقالة ادريس بوي والذي اتى بعد ايام من اجتماع اعيان الزغاوة ” تشاد والسودان ” في نيجيريا لبحث ترميم العلاقة بينهم والجميع متفق ان ادريس بوي لعب دورا ً رئيساً في تأزم الوضع بين زغاوة تشاد والسودان !
وقد يسأل البعض وهل يضمن محمد ديبي جانب اعمامه بعد ان اقال معظم الجنرالات الذين دعموا والده ونكل ببعضهم وحتى عمه صالي ديبي لم يسلم من ذلك؟ ”.
وهل تكريم اعضاء المجلس العسكري الانتقالي قبل ايام كانت بداية عودة محمد ديبي الى سياسة والده الراحل ادريس ديبي خاصة ان حزب حركة الانقاذ الوطني دخل على الخط يوم اول امس ونصب محمد ديبي رئيساً فخرياً له !!
من جهة اخرى ما مصير قوات التدخل السريع التي ساهم ادريس يوسف بوي في تأسيسها لتكون قوة موازية للحرس الجمهوري التي يقودها الجنرال طاهر اردا ” من الزغاوة ” والذي تم تهميشه منذ اعوام بسبب مواقفه المعارضة للتدخل في حرب السودان واغتيال يحيى ديلو وغيرها من المواقف !
الجدير بالذكر هنا ان ٨٠ ٪ من قوات التدخل السريع من اثنية القرعان اخوال محمد ديبي !
ولا ننسى ان نذكر ان قوات المعارضة في تشاد ” فاكت ” مازالت تتربص بنظام محمد ديبي وقد تجد في الخلاف الواقع بين الزغاوة فرصة للتحالف مع المعارضين لمحمد ديبي وتأسيس ثورة جديد على غرار تمرد عام ٢٠٠٨ حيث اجتمع المعارضة من قبائل القرعان والزغاوة العرب والتاما وغيرهم تحت حركة يو اف دي دي بقيادة الجنرال محمد نوري وقاموا بمحاولة انقلاب فاشلة للاطاحة بنظام الراحل ادريس ديبي في ٢ من فبراير ٢٠٠٨ !
قد يعيد التاريخ نفسه كما فعل ادريس ديبي وتخلص من رفاق السلاح مثل العقيد عباس كوتي “قائد الاركان و صهر ديبي ” و الجنرال مالدوم بدا عباس” وزير الداخلية “، اعاد محمد ديبي الى الاذهان تلك القصة من خلال تخلصه من معظم قيادة المجلس العسكري الانتقالي الذي دعمه حتى انتخب رئيساً لتشاد واخر ضحايه رفيق دربه وصديق طفولته الجنرال ادريس يوسف بوي.
المشهد مازال غير واضح لكن قد تحمل الايام القادمة مفاجآت اخرى قد تطال رقاب اخرين !!