علي شمو: جوني المتمردين في بيتي وكانوا عايزين يضربوا ولدي رصـ ـاص
رصد – نبض السودان
(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
الخبير الإعلامي بروفيسور علي محمد شمو لـ(الكرامة):
أنا حزين.. سرقوا الوثائق والتاريخ وتراثا لا يقدر بثمن..
(جوني المتمردين في بيتي وكانوا عايزين يضربوا ولدي رصاص)
بسبب الحرب (لا قادر أقرأ ولا أتونس ولا بجيني زول)..
(الواحد ما كان يتصور تكون نهاية السودان بالشكل دا)..
لدي إحساسٌ بأنّني سأعود ويبقى السؤال (…..)؟
إحساس غريب (نكون لاجئين
بعد هذه السن)!!!
النخب سبب النكبة ولابد ان يعود السودانيون لوطنهم..
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو الخبير الإعلامي بروفيسور علي محمد شمو، الذي حكى لنا بحسرة ما تعرض له بسبب الحرب وهجوم الجنجويد عليه بمنزله، فماذا قال:
أول يوم فى الحرب ؟
كنت في منزلي بالصافية.
كيف تلقيت نبأ الحرب؟
(بصحى بدري)، وكنت متابعا للتطورات والتوتر الذي جرى، وكنت أتحدث مع الناس، ولو تذكر، تحدثت في إحدى المؤتمرات حذرت حال لم تحدث سيطرة و (لو قامت طلقة ما بتقيف).
كم مكثت في بحري؟
كثيرًا، ولم أكن أنوي الخروج، ولولا الضغط الأُسري وإلحاحهم لما خرجت، حيث إنني خرجت بعد شهرٍ ونصف.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
(جوني المتمردين في البيت وكانوا عايزين يضربوا ولدي بالرصاص لولا الله ستر، وحاولنا نقنعهم، ناس ما عندهم فهم شايلين سلاح، حاولوا يشيلوا مني عربية نسيبي وقلت ليهم: دا واحد قرأ واشتغل كيف تشيلها، وشالوا 4 عربات من البيت، وبعد خرجت من المنزل دخلوا ودمروه وسرقوا، وأنا شلت 4 جلاليب عشان نرجع بعد كم يوم).
أين كانت الوجهة؟
ذهبتُ لمنزل شقيقي في “أب روف”، حيث حدث (ضرب ومشاكل)، وفي يومٍ من الأيام (جو قالوا الزاوية بعد العصر ما في).
ثم ماذا؟
ذهبنا مدينة النيل الثورة الحارة الخامسة، حيث أقمت في شقق فندقية رفقة أُسرتي و(برضو ما سلمنا منهم) ، ثم اشتدت الأمور والدانات بدأت تقع، خرجنا لشندي ثم الدامر التي مكثنا فيها شهرين، ثم عطبرة التي مكثنا فيها زمنًا، ثم بورتسودان ثم إلى مسقط لنعبر منها للسعودية حيث ابنتي وزوجها يقيمون في حائل، مكثت في مسقط 10 أيامٍ و(عملت محاضرة كبيرة جدًا) عن تاريخ الإعلام العربي، ثم سافرت لجدة وأديت عمرة ووصلت حائل بعدها.
قرار الخروج من الوطن؟
قرار صعب ومرير وتعرضت لمشاكل كثيرة جدا، (الواحد ما كان يتصور نهاية السودان تكون بالشكل دا)، ولم أكن أنوي الخروج لولا ضغط الأُسرة.
هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها؟
(دي حرب مجنونة، بتحارب في ناس ما افتكر في السودان ناس زي ديل، لا بعرفو الناس ولا بحترمونهم ولا يعرفون التاريخ).
(أكثر حاجة ألمتني) بعد خروجي من المنزل سرقوا كل شيءٍ الوثائق، والتاريخ، وتراث لا يقدر بثمن، أنا حزين لما ضاع من أوراق وذكريات وتوثيق.
هل اقترب منك الموت؟
حينما اقتحموا منزلي (قربوا يضربوا ولدي رصاص الله ستر) ، وفي الأيام التي مكثنا فيها ببحري، لم يكن هنالك لا ماء ولا كهرباء، و(كنا بعد المغرب نقعد في الحوش مع الأولاد، شيءٌ حزينٌ جدًا، لو صوتنا ارتفع يضربوا رصاص من برا البيت).
يوميات الحرب؟
كنا نجتهد لتوفير الماء ونشتريها (ونحاول نجيب حاجة ناكلا)، ولدينا طفلان في الأُسرة-أحفاد- (يعني معاناة شديدة، هي تجربة مريرة ولم أكن أتصور أن نعيش مثل هكذا أيام).
عادة فقدتها مع الحرب؟
(لا قادر أقرأ، ولا أتونس ولا بجيني زول)، عادات كثيرة جدًا فقدتها.
(إحساس إنك تكون لاجئ)..؟
إحساس غريب، (يعني لا يمكن أتصور أنّ شخصًا يصل لهذه السن، أن تكون نهايته الحصل دا ونكون لاجئين، اللجوء فيه أطلالٌ كثيرة، العندك بكمل، والناس البتتعامل معاهم لسه بعشمو فيك وانت ما قادر تعمل شي).
ضحايا هذه الحرب؟
الأطفال وما ينتظرهم من مستقبل مجهول..
خيبة أمل شديدة؟
خيبة شديدة.
هل سنعود للسودان؟
لدي إحساسٌ بأنّني سأعود، ولكن السؤال: ماذا سيحدث بعد نهاية الحرب والعودة؟
ماذا تتوقع؟
نحتاج لزمن لإعمار البلاد، وللأسف فقدنا القدرة على التصور.
بعد هذه التجربة سيكون هنالك سودان مختلف؟
بالتأكيد، شكل مجتمعي جديد وكل شيءٍ سيكون جديدًا.
ماذا تقول للسودانيين؟
(لازم يرجعوا لوطنهم، وكان رأيي أنو الناس تكون قاعدة، تعرف لو كنا قعدنا في بيوتنا ما كان احتلوها، في ناس مرقوا بدون ما يفكروا ما قفلوا بيوتهم).
هذه التجربة باعدت الشقة بين المواطن والنخب، ألا تتفق معي؟
أتفق معك جدًا، وهي سبب النكبة للوطن و(الحاصل هسي دا) ، كل يومٍ يتصارعون، وكل يومٍ الشُقة تتباعد بين النخب، وأنا رأيي وتقديري بأنّ هؤلاء لم يعد لديهم أي فرصة للعودة، ولن يكون لهم دورٌ مرتقب، وليس لديهم حقٌ ولا سند، و(كل زول فارض نفسه ويجب أن يتقدم الشباب الصفوف يعملوا الشكل العايزنو للدولة)، وكل القوى السياسية الموجودة ليس لديها أية قواعد شعبية.