أسطول بوتن يصل البحر الأحمر
رصد – نبض السودان
أكد السفير السوداني لدى روسيا محمد سراج التزام بلاده ببناء قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر، موضحا أن مشروع مركز الدعم اللوجستي اتفق عليه رسميًا بين البلدين.
وكشفت مصادر روسية لموقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، أن الميناء سيبنى من الصفر في الجزء الشمالي من بورتسودان، وأن الاتفاق النهائي يمكن التوصل إليه خلال زيارة الوفد السوداني للمنتدى الاقتصادي الدولي المنعقد حاليا في سانت بطرسبرغ.
وفي 25 مايو الماضي، كشف نائب القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، أن حكومته ستوافق على اتفاقية وقعها النظام السابق في العام 2019 لإنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية على البحر الأحمر، مضيفا أن وفدا عسكريا سيتوجه إلى روسيا لبحث احتياجات السودان العسكرية من الأسلحة والذخائر، فيما سيتوجه وفد آخر بقيادة مالك عقار، نائب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إلى موسكو لاحقا لبحث التعاون الاقتصادي، بما في ذلك التعدين والزراعة، كما حدث حينها.
ويبدو أن الاتفاق بين السودان وروسيا تم من خلال الوعد الروسي بإرسال أسلحة وذخائر مقابل السماح بإنشاء مركز لوجستي بحري.
لطالما طرحت السودان إمكانية منح روسيا الإذن بإقامة قاعدة بحرية في البحر الأحمر، لكن تعاقب المجالس العسكرية المختلفة، في بلد مزقته الحرب الأهلية لسنوات، أرجأ هذا المشروع دائمًا.
وفي نوفمبر العام 2020، تمكنت موسكو من الاتفاق مع الخرطوم على مسودة اتفاقية لإنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، وانتزع رئيس الوزراء آنذاك ميخائيل ميشوستين اتفاقا أوليا ينص على استخدام روسيا الميناء مدة 25 عامًا، لكن السودان كانت لديه أفكار ثانية عند محاولة إعادة التفاوض على الصفقة.
ثم في يونيو العام 2021، قال رئيس أركان الجيش السوداني حينها الجنرال محمد عثمان الحسين إن البلاد ستوافق على بناء القاعدة البحرية، التي توصف رسميًا بأنها «مرفق دعم فني مادي»، فقط إذا قدم الكرملين المساعدة الاقتصادية للبلاد، والأمر الأكثر أهمية هو أن المفاوضات الجديدة نصت على أن البحرية الروسية لا يمكنها استخدام القاعدة إلا لمدة خمس سنوات، مع إمكانية تمديد عقد الإيجار لمدة تصل إلى 25 عامًا، وبالنسبة لموسكو، كان هذا يعني استثمارًا كبيرًا دون التأكد من أنه سيكون التزامًا مستقرًا في المستقبل.
وقال الموقع الإيطالي إن هذه القضايا قد جرى حلها نهائيًا «ربما بفضل الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أفريقيا»، متوقعا أن عواقب الصراع في أوكرانيا على السودان كان لها ثقل في المفاوضات.
وفي بداية نوفمبر من العام الماضي، نُشرت صور لاشتباكات بين القوات الخاصة الأوكرانية وميليشيات «فاغنر»، التي أصبحت الآن الفيلق الأفريقي، في أم درمان، وهي بلدة تقع شمال الخرطوم. علاوة على ذلك، كان اللقاء بين الرئيس فولوديمير زيلينسكي وعبدالفتاح البرهان في شانون بأيرلندا، قبل أيام قليلة من الإجراء، لعقد اجتماع غير مقرر «لمناقشة تحدياتنا الأمنية المشتركة، أي أنشطة الجماعات المسلحة غير القانونية الممولة من روسيا».
على الأرجح، كان الضوء الأخضر السوداني لبناء القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان مقابلًا ليس فقط لنقل الأسلحة والذخيرة، ولكن أيضًا الوعد بعدم التسامح بعد الآن مع نشاط القوات الخاصة الأوكرانية في السودان.
وأضاف الموقع الإيطالي: «إذا كان الاتفاق نهائيا بالفعل، فإن الكرملين يحقق انتصارًا مزدوجًا، فمن وجهة نظر سياسية، ثبت أن قدرته على التأثير لا تزال فعالة على الرغم من المشاكل الكبرى التي نشأت بالتزامن مع الصراع في أوكرانيا؛ ومن الناحية العسكرية، تحصل روسيا على أول قاعدة بحرية لها في البحر الأحمر، مما يسمح لها بتجنب التحركات الطويلة للغاية لسفنها العاملة في منطقة خليج عدن والخليج الفارسي، وبالتالي فإن التوقعات خارج هذه البحار (في اتجاه جنوب إفريقيا والهند) تكون أسهل».