هكذا رمضان في مراكز إيواء النازحين السودانيين
رصد – نبض السودان
هكذا يبدو رمضان في مراكز إيواء النازحين السودانيين
يحاولون ابتكار الأمل والحياة باستعادة بعض أجواء الشهر الفضيل
يجوب عدد من نجوم الدراما على مراكز الإيواء في ولاية النيل الأبيض لتقديم سهرات فنية وعروض كوميدية وتوزيع سلال غذائية عند نهاية العروض
استقبل آلاف النازحين السودانيين شهر رمضان للمرة الأولى في مراكز إيواء بمدن البلاد الآمنة بعيداً من منازلهم، وسط ظروف إنسانية قاسية بغياب الطقوس والتقاليد الرمضانية التي اعتادوا عليها في كل عام، فضلاً عن صعوبة تأمين الغذاء والمستلزمات الضرورية.
يستذكر النازحون أجواء رمضان في الولايات والعاصمة الخرطوم وتقليد إفطارات الشوارع وأمسيات شارع النيل، ويتحسرون على حالهم وهم يعيشون في مراكز تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، ويحدوهم الأمل في تحسن حالتهم المأسوية.
فقدان لمة العائلة
مع اقتراب آذان المغرب، تنهمك النازحة السودانية خديجة التوم في إعداد وجبة إفطار رمضان من محتويات سلة غذائية قدمها أحد المتطوعين، وذلك في مركز الزهراء بمدينة كوستي جنوب الخرطوم.
وعلى موقد صغير تطهو التوم القليل من العدس والخضراوات، وأبناؤها يتحلقون وسط الغرفة بانتظار المؤذن للبدء في الإفطار.
تقول النازحة السودانية إنها “تفتقد لمة الأسرة على مائدة واحدة في رمضان خصوصاً بعد تشتت العائلة بين مدن السودان ودول الجوار، الفرق شاسع بين قضاء الشهر الكريم في منازلنا ومراكز النزوح، والواقع صعب للغاية، نعيش خائفين من الحاضر والمستقبل المجهول”.
وتضيف “لم أتخيل يوماً أن أقضي رمضان داخل مركز إيواء وفي ظل ظروف إنسانية صعبة ومعاناة بدرجة لا توصف بعيداً من أسرتي التي شتت الصراع المسلح شملها”.
مساعدات المتطوعين
في مركز الخنساء لإيواء النازحين بولاية سنار، يحاول أحمد حسين استعجال شقيقه المغترب لإرسال مبالغ مالية من أجل شراء المواد الغذائية في ظل شح وندرة السلع الاستهلاكية وارتفاع أسعارها.
وأشار حسين إلى أنه “يصعب على العائلات تحمل هذه الأوضاع الكارثية لا سيما بندرة المساعدات الإنسانية وتوقف الأعمال اليومية وعدم صرف الرواتب لأكثر من 10 أشهر”.
ولفت إلى أن “النازحين يعتمدون بشكل رئيس على ما تبقى لهم من مدخرات شحيحة، فضلاً عن السلال الغذائية التي يقوم بتوزيعها المتطوعون والخيرون وسكان المنطقة، علاوة على الإفطارات التي ينظمها المواطنون القاطنون قرب مراكز الإيواء”.
وأوضح النازح السوداني أنه “يشعر بالوحدة بعيداً من أسرته، بعد أن تفرقت بهم السبل عقب تمدد رقعة الحرب إلى مدن سودانية عدة”.
شهر البركة
تناول النازحون بمركز أبوبكر الصديق في مدينة ربك جنوب الخرطوم، إفطارهم الأول في رمضان داخل الخيم.
يقول حماد النو إن “رمضان شهر البركة في كل الأحوال، وهذه الأيام ستمضي وسنعود إلى منازلنا، وستبقى المعاناة والأزمات والأوضاع الصعبة ذكريات بالنسبة لنا”.
ويضيف أن “استهلاك السودانيين لبعض الأصناف الغذائية يزداد في رمضان بخاصة التي ترتبط بالأطباق التقليدية، لا سيما الذرة وحبوب الدخن واللحوم التي سجلت ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، في وقت نفدت مدخرات غالبية الأسر”.
وواصل النو قائلاً “لا يجمع الله عسرين في حال، حرب ومجاعة، ستمضي الأمور في شهر الخير ولن يعاني الناس من نقص في الغذاء والمستلزمات الأخرى”.
أوضاع صعبة
يتحسر صبري عمر الذي يقيم في أحد مراكز الإيواء بمدينة بورتسودان شرق الخرطوم، على أوضاع النازحين ومعاناتهم، سواء كانت اقتصادية أو صحية، وسط غياب اهتمام المعنيين ونقص الغذاء وفقدان متطلبات الحياة الأساسية”.
ونوه بأن “كثيراً من النازحين تحت خط الفقر ولا يستطيعون تأمين مستلزمات رمضان، مما فاقم المعاناة بدرجة يصعب تحملها”.
وعن أجواء رمضان، يشير عمر إلى “وجود فرق شاسع بين عائلة تستقبل الشهر الفضيل في منزلها، وأخرى توجد في مراكز الإيواء، لكن النازحين يحاولون صناعة الأمل والحياة باستعادة بعض الأجواء الرمضانية”.
سهرات رمضانية
في غضون ذلك، نشط عدد من نجوم الدراما في تقديم مسرحيات دينية وعروض كوميدية لدعم الصحة النفسية، ويطوف أصحاب المبادرة على مراكز الإيواء في ولاية النيل الأبيض من أول يوم في شهر رمضان، في محاولة لبث الأمل بين النازحين مع توزيع سلال غذائية عقب نهاية العروض.
واعتبر الدرامي شريف مبارك أن “المبادرة واحدة من أهم أدوات دعم الصحة النفسية للفارين من ويلات الحرب، وتسعى إلى تقديم رسائل عدة حول واقع النازحين وهمومهم وأزماتهم وأمنياتهم من خلال مسرحيات دينية ودراما رمضانية للتصدي للذكريات القاسية وإيجاد طريقة للتخلص أحياناً من الأعباء التي ترهق كاهل النازحين”.
وأضاف أن “الأطفال وجدوا حظهم من الأعمال في مسرحيات تفاعلية هادفة تستخدم فيها الدمى والعرائس والشخصيات الكرتونية، فضلاً عن فقرات دينية وأعمال فنية يقدمها الحكواتي”.
وأوضح مبارك أن “الخطوة ناجحة ومحفزة لأن هناك فراغاً قاتلاً في مراكز إيواء النازحين نظراً إلى عدم وجود أجهزة تلفاز لمشاهدة البرامج الرمضانية”.
وتابع الدرامي والمخرج “وجدت مبادرة السهرات الفنية متابعة واهتماماً كبيراً، كما نعمل على تقديم مساعدات محدودة عبارة عن سلال غذائية”.