تفاصيل مُثيرة لـ إجلاء «عقار» وتدخل جبريل لحظة اندلاع الحرب
شندي – نبض السودان
اتصل وزير المالية متفقدا السيد مالك عقار إير لحظتها وهو محاصر بنيران القتال في قصر (دار الضيافة)، بحي المطار، قتال بين الحرس الرئاسي للرئيس البرهان وطليعة قوات الدعم السريع المتمردة.
عندما علم جبريل بأن الوضع جدا خطير في منزل عقار وأن إثنان من حرسه الشخصي في عداد الجرخي أو الموت، قرر وبسرعة إرسال قوة من حراسه الأشداء وإقتحام المنزل والتوجه به الي منزل الوزير في المنشية، أقول الأشداء لأنني أعرفهم وقمت بمهمة التنسيق بين المعهد والترتيبات الأمنية حتي أوان تخرجهم ضمن الدورة (٢٥)، حراسة الشخصيات المهمة في معهد الإستخبارات العسكرية، وكل ذلك وفقآ لإتفاق جوبا للسلام.
خرجت المجموعة المكلفة بإقتحام منزل القائد مالك عقار بقيادة الخليل (ابوالرجال)، من حي المنشية حيث يسكن وزير المالية صوب المطار، ثم إلي المبني الرئيسي لجهاز المخابرات العامة، وإنعطفت سيل من العربات للإقتحام بزقاق ضيق متجه شرقا إلي منزل القائد عقار الذي يجاور قصر الضيافة، وتم إخلاءه بشكل مهني مع حارسه الشخصي إلي العربة المخصصة وبالسرعة ذاتها التي أتت بها وبمهارة السياقة الخطرة التي تم التدريب عليها، إختفت السيارات المرافقة من الشارع الملتهب بسرعة البرق. إتصل بي انا كاتب السطور، دكتور عبدالعزيز عشر مستشار رئيس الحركة للشؤون الأمنية، مساء اليوم الثاني للحرب، موجها وبطلب إستطلاع المنطقة بين قرية النوبة مرورا بكبري سوبا والمنشية مرورا بشارع الستين فجر الغد، رافقني في هذه المهمة، صديقي محمد ابكر (أصلي)، وهو ياور رئيس حركة جيش تحرير السودان/ المجلس الإنتقالي، الهادي إدريس عضو مجلس السيادة يومها، قبل أن يتخلي عن مهامه منشقا مع مليشيا آل دقلو.
عدنا في حوالي التاسعة صباحا حيث تناولنا افطارٱ جماعيٱ بحضور القائد مالك عقار والدكتور جبريل وزير المالية وبشارة سليمان مستشار رئيس الحركة للشؤون المالية والإقتصادية، د. عبدالعزيز عشر ود. ادريس لقمة والرفيق محمد ابكر وعدد قليل من الرفاق من بينهم الشهيد الطاهر ماكن السكرتير الخاص والباشمهندس سليمان عبدالله مدير مكتب وزير المالية. دكتور جبريل أول من ذهب الي بورتسودان وحافظ علي تماسك الحكومة وظلت ميزان مدفوعات الدولة للتسيير اليومي ساريٱ وظلت السلع متوفرة والدولة في حالة حرب في قلب عاصمتها ظل هنالك حتي لحقت به قيادة الدولة.
سد وزير المالية منافذ الفساد ومنع تصاديق المهملات وقنن صلاحيات موظفي هيئة الموانئ بتطبيق صارم لقوانين الخدمة المدنية.
هذا هو الدور الذي لعبه الدكتور جبريل، القائد مالك عقار والوزراء احمد ادم بخيت، بشير ابو نمو، ودكتور هيثم. كذلك إلي أن لحق بهم الآخرين.
هذه الحرب فيها خبايا واسرار وقصص تروي لكن لم يحن وقتها حتي الآن .. هل تعلمون ان دكتور جبريل والقائد مالك عقار والفريق ابراهيم جابر والفريق احمد مفضل ويضاف إليهم الناظر ترك هم سبب تماسك الدولة السودانية والحفاظ علي مؤسساتها؟ تخيلوا لو أن هؤلاء النفر لم يخرجوا من الخرطوم الي الحصاحيصا ومدني وجمعوا شتات المسئولين وبتنسيق مع الناظر ترك نقلوا العاصمة الي بورتسودان وأداروا الدولة من هناك إلي حين خروج السيد الفريق أول البرهان .. تخيلوا لو إنهم ذهب كل واحدآ منهم الي أهله ومنطقته وجيشه وتركوا الدولة السودانية ومؤسساتها في مهب الريح؟، ولكم أن تتخيلوا النتيجة.
وفي السياق، كتب الصحفي عادل الباز: “قال السيد وزير المالية جبريل في المؤتمر الصحفي المذكور أعلاه إن ميزانية العام ميزانية حرب سيعاد النظر فيها كل ثلاثة أشهر، وأعلن عن انخفاض الإيرادات بنسبة (٨٠٪)، يواجه وزير المالية بهكذا وضع حالة غير مسبوقة إذ لم يواجه وزير مالية في تاريخ السودان الحديث ما يواجهه السيد جبريل الآن. ولا أعتقد أن أي اقتصاد أفريقي قد واجه ما نواجهه الآن، مصروفات حرب مهولة يومياً مع انهيار شامل في الإيرادات. كيف واجه السيد جبريل تلك المحنة؟ وكيف يدور دولاب الدولة الآن على ضعفها وتوقف أي مصروفات أخرى سوى الصرف على الحرب؟.
وضع السيد جبريل والدولة كلها كافة مواردها للصرف على بند واحد وهو بند الصرف على الحرب، ولا صوت أو صرف يعلو على صرف المعركة. ولم يكن أصلاً متاحاً الصرف على أي أوجه أخرى. لقد كان المورد الوحيد للصرف هو (الذهب). تقريباً ٩٠٪ من دخل الدولة الآن يأتي من عائدات الذهب والبقية من إيرادات الجمارك في ظل توقف القطاع التجاري والصناعي وضعف عائدات الجمارك، ولحق توقف إيرادات قطاع الاتصالات باحتلال المليشيا للمقسمات التابعة للشركات التي تعتبر مصدر إيرادي مهم. المصدر الوحيد الذهب عليه أن يُسيِّر الدولة في أدنى مستويات صرفها وعليه أيضاً تغطية تكاليف الحرب من سلاح وتشوين ومرتبات للجنود وصرف على كل مفردات تشغيل الآلة الحربية.
السياسة الأخرى التي سار عليها وزير المالية هو تحميل الولايات مسؤولية إدارة شؤونها الاقتصادية بعيداً عن دعم الدولة التي لا تملك أصلاً مالاً تدعم به، ولذا نرى أن كثير من الولايات نشطت أخيراً في تعظيم إيراداتها وخفض مصروفاتها بل إن بعضها ساهم في دعم حملات الإستنفار، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدعم الشعبي للمجهود الحربي خفف كثيراً على وزارة المالية في بند مصروفات الحرب. فكثير من التشوين لمعسكرات الجيش في العاصمة والأقاليم تم تمويلها من رجال أعمال وأناس عاديين وقبائل تولت معظم الصرف على معسكرات الجيش والفرق المرتكزة قرب أماكنها.
الطريق الثالث الذي اتخذه جبريل هو استنهاضه للقطاع الخاص للإسهام في المجهود الحربي وقد تقدم كثيرون من رجال الأعمال بتقديم دعم مالي عيني مباشر بمئات الملايين من الدولارات وآخرين ساهموا في إيجاد تسهيلات بنكية خارجية وآخرين باستيراد المواد البترولية بآجال سداد بعيدة. في ذات المؤتمر الذي كشف فيه وزير المالية عن سرقة المليشيا لواحد طن، وسبعمائة كيلو من الذهب، من مصفاة الذهب بالخرطوم كشف عن جهود الوزارة الهادفة لإجراء مسح جيولوجي تقوم به ألمانيا لمعرفة مخزون المعادن وخاصة اليورانيوم بالبلاد ليتمكن السودانيون من الحصول على قروض بموجبها.. وهذا اتجاه حميد لمواصلة الصرف المتزايد على المجهود الحربي في ظل عدم وجود أي دعم خارجي من أي جهة، وفي ظل استمرار الحرب بلا أفق للحل ولا الحسم العسكري. يمكن تطبيق ذات الفكرة في رهن إنتاج الذهب أو بيع مربعات ذات إنتاجية عالية.
نحتاج الآن لكثير من الأفكار المبدعة التي يمكن أن تعين وزير المالية .. جبريل المفتري عليه! في معركة الحرب الإقتصادية التي يديرها حتى الآن بكفاءة عالية. ومن إنجازاته ايضا في كسلا، التقى دكتور جبريل بكل أهل السودان ممثلين فى أعضاء المقاومة الشعبية بالسواقي الجنوبية والشمالية بالمدينة الذين أفصحوا عن مجهود مقدر قدمه الرجال أسفر عن توصيل الكهرباء الى اكثر من (٤٠) قرية وما يزيد عن الخمسمائة مشروع زراعي مما ساهم فى زيادة الإنتاج.
وهنالك أسرار لم يتم البوح بها بعد، كيف خرج الوزير الرعاية الاجتماعية احمد بخيت إلي أن وصلوا بورتسودان، وما دور دكتور جبريل في ذلك؟. وهنالك أدوار لعبها قادة الشرق بقيادة الناظر محمد الامين ترك والذين أحتووا قيادات الدولة وتهيأ الشرق بهم حتي أصبحت العاصمة البديلة .. عاصمة، ميناء، ومطار .. ببساطة لولا هولاء الرجال وبسالة جيشنا ولطف الله لإنهارت الدولة.