دراسة دولية تحذر من كارثة مدمرة تهدد الخرطوم
رصد_ نبض السودان
يواجه سد جبل أولياء، أحد أهم المنشآت المائية الواقعة على بعد 40 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، خطر الانهيار الوشيك نتيجة للإهمال وتوقف الصيانة، في ظل الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
يقع الخزان على النيل الأبيض ويمثل نقطة استراتيجية تربط العاصمة بالمناطق الغربية والوسطى من البلاد، كما يُعد طريقًا رئيسيًا لنقل القوات والمعدات العسكرية بواسطة قوات الدعم السريع.
منذ سيطرة قوات الدعم السريع على السد في نوفمبر 2023، غادر الطاقم الفني المسؤول عن تشغيله وصيانته، مما أدى إلى تعطل أعمال الصيانة اللازمة للسدود القديمة. علاوة على ذلك، أصبح السد نقطة نزاع عسكري بعد انسحاب قوات الدعم السريع إليه عقب تقدم الجيش في أكتوبر 2024.
وفقًا لدراسة حديثة أجراها المعهد الدولي للمياه (IHE Delft)، ارتفعت مستويات المياه في الخزان إلى أرقام قياسية بحلول سبتمبر 2024، مما يهدد بانهياره، وقد يتسبب ذلك في فيضانات مدمرة قد تصل إلى العاصمة الخرطوم، وتدمر الأراضي الزراعية المحيطة، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة.
طالبت المجتمعات المحلية التي تعيش على طول الخزان قوات الدعم السريع بفتح البوابات، إذ بدأت مستويات المياه في تشكيل خطر متزايد عليهم.
الباحثة الرئيسية في الدراسة، أسيل محمد، أوضحت أن الوضع الحالي يمثل خطرًا كبيرًا على المجتمعات المحيطة بالسد. وأشارت إلى أن فتح بوابات السد مؤخرًا قد ساعد مؤقتًا في تخفيف الضغط، إلا أن هذا الإجراء غير المدروس قد يؤدي إلى تدفقات مائية غير منتظمة، مما يفاقم خطر الفيضانات في المناطق السفلية.
وأشارت الدراسة إلى أنه في الوقت الحالي، يمكن للسلطات المحلية والمنظمات الإنسانية فقط التركيز على الاستعداد للفيضانات من خلال إنشاء أنظمة إنذار مبكر وتحديد مسارات الإخلاء للمجتمعات المعرضة للخطر. ومع ذلك، هناك حاجة ماسة إلى تعاون دولي وتنسيق لحماية البنية التحتية المائية الحيوية في السودان، خاصة السدود مثل سد جبل أولياء.
وزير الري والموارد المائية السابق، والأستاذ المشارك في إدارة الموارد المائية والمشارك في البحث، الدكتور ياسر عباس، قال: “رغم أن فيضانات 2024 مرت بسلام، إلا أن خطر انهيار الخزان لا يزال عاليًا في غياب الصيانة والتشغيل الكافي”.
سد جبل أولياء، بُني في ثلاثينيات القرن الماضي، يُستخدم لتنظيم المياه، توليد الطاقة، وصيد الأسماك، ويعتبر شريان حياة لملايين السودانيين. ومع ذلك، فإنه ليس استثناءً من التحول إلى نقطة ضعف في أوقات النزاعات، بل يُظهر كيف يمكن للبنية التحتية الحيوية أن تتحول إلى مصدر للدمار. فقد شهد السودان انهيار سد أربعات في أغسطس 2024، والذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة.
على الصعيد الدولي، تكررت حالات انهيار السدود في مناطق النزاع مثل سد الموصل في العراق، سد درنة في ليبيا، وسد كاخوفكا في أوكرانيا.
في ظل غياب الصيانة واشتداد النزاعات، يمكن لخزان جبل أولياء، أن يتحول من أداة تنمية إلى مصدر تهديد محتمل. إن مواجهة هذا التحدي تتطلب تنسيقًا دوليًا ومحليًا عاجلًا لضمان سلامة البنية التحتية وحماية المجتمعات المهددة بالخطر.