الأزمة أعمق بكثير..كيف يري الخبراء قرار اصدار أوراق نقدية جديدة ؟
خاص _ نبض السودان
قرر بنك السودان إصدار اوراق نقد جديدة بداية بفئة الألف جنيه، خطوة تأخرت كثيرا بحسب رأي العديد من الاقتصاديين والمهتمين، باعتبار الانهيار المريع في سعر العملة والدمار شبه الشامل للجهاز المصرفي من جراء الحرب وعدم وجود اي احصائيات لحجم الكتلة النقدية التي نهبت او حرقت، كما ان معظم البنوك أفلست بالفعل دون اعلان بذلك..
وربما لن تفلح هذه الخطوة المتاخرة في تحقيق الغرض المنشود الوارد في اعلان البنك المركزي والذي لخصه في تلافي آثار الحرب السلبية علي الاقتصاد ، والاسئلة لا زالت تدور حول الرقعة الجغرافية التي ستغطيها فئة النقد الجديدة وانعدام فروع للبنك المركزي في ولايات عديدة، ووجود تداول لعملات أجنبية كثيرة بغرب السودان على وجه الخصوص.
ورقة بلا قيمة :
أكد الخبير الاقتصادي كمال كرار بان الجنيه السوداني ورقة بلا قيمة ، وقال لـ(نبض السودان) ان قوة العملة الشرائية من قوة الاقتصاد، وبالذات في مؤشراته الانتاجية، وحجم صادراته للعالم، وبالتالي وزن الدولة الاقتصادي في العالم وتأثيرها في حجم التجارة الدولية الى غيرها من العوامل ، وانظر إلى بلادنا ما قبل الحرب وبعدها لتجد الاقتصاد كسيحا ومنهارا والمواطنين فقراء، واللصوص ينهبون الموارد .. والجنيه السوداني صار ورقة بلا قيمة والسبب ان الادارة الاقتصادية مرهونة للصندوق والبنك الدولي، ليست لها ارادة ولا سيادة، عومت الجنيه السوداني بأمر الصندوق الدولي وصار الدولار هو المتحكم في الاقتصاد السوداني، وبالتالي فعملية انهيار العملة الوطنية كانت بفعل فاعل، ونتيجتها إفقار المواطنين الفقراء أصلا، والاضرار بالمنتجين
وطالما ظلت هذه السياسة مستمرة فلا فائدة من تبديل العملة، فالجديدة أيضا ستظل ورقة مقارنة بالعملات الاجنبية، وبنك السودان أيضا يتلقي التوجيهات من الصندوق والبنك الدولي.
واردف ان كان تغيير العملة يقصد به محاصرة العملة المزيفة فقد فات الوقت على ذلك، فالذين زيفوا العملة حولوها منذ فترة لسلع وبضائع وأصول، واستبدلوها بالدولار ومدوا لسانهم للبنك المركزي الذي خرج ولم يعد حتى الان
حلقة أضعف
فيما علق استاذ الاقتصاد في جامعة الخرطوم الخبير الاقتصادى البروفسور ابراھيم اونور على قرار بنك السودان المركزي فيما يتعلق بتتغير العملة لفئة الألف جنيه بقوله ان البنك المركزي ظل الحلقة الاضعف في ادارة الاقتصاد الكلي ، وارجع ذلك إلى غياب الرؤية.
وانتقد اونور بيان بنك السودان وقال إنه تجاوز ما نهب من البنوك والمواطنين وتساءل لماذا أتى القرار الان وبعد مرور ١٨ شھرا علي اندلاع الحرب ؟ لماذا الان وبعد ان جني الدعم السريع ثمار ما نھبوه ؟ لماذا الان بعد ان مول الدعم السريع حربھم القذرة باموالنا ؟ وعاب على البنك عدم التطرق إلى مصدر المال الذي سيتم توريده لجهة إلى أنه لا زالت ھنالك مليارات لدي الدعم السريع يحاولون الفرار بھا ويتم القبض عليھم وينجو الكثيرون.
وتساءل لماذا لم تتم مساءلة من تم القبض عليه من أفراد أفراد المليشيا ومن يقوم بتوريد المال، وأبدى استغرابه من تغيير العملة وقال لاول مرة يتم تغيير العملة بھذه الطريقة العلنية و الفوضوية.
وكان قد اجمع خبراء اقتصاديون علي ضرورة تغيير العملة الوطنية كامر عاجل للقضاء على التزوير والحد من حجم السيولة في ايدي المضاربين بالعملة وبالتالي السيطرة على الكتلة النقدية وادخالها في دورتها الصحيحة، بعيدا عن دورتها المنحرفة الحالية في الاقتصاد الخفي وقالوا ان دلك سيساهم في توظيفها كمكون محلي لتمويل إعادة الأعمار بعد الحرب مما يعني ان التغيير مطلب حتمي لا غنى عنه لبداية صحيحة لاقتصاد ما بعد الحرب.