مصر ترمي بثقلها لحل أزمة السودان عبر بوابة «السلم والأمن الإفريقي»
تقرير : علي يوسف تبيدي
وصل وفد رفيع المستوى من مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية الجديدة للسودان ، وتأتي الزيارة عقب أيام من تولي جمهورية مصر رئاسة المجلس ، وتؤمن مصر بأهمية العمل الإفريقي المشترك وتسهم بجهد حثيث في تحقيق السلام كركيزة للتنمية في القارة ، وهو ما يظهر جليا في المواقف التي تتبناها مصر وجهودها الحثيثة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية في ربوع القارة ، ويعتبر مجلس السلم والأمن ، أحد أفرع الاتحاد الأفريقي الهامة ، وهو المسؤول عن تنفيذ قرارات الاتحاد ، وهو مشابه إلى حد ما لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وقد تم إنشاء المجلس ، كهيئة تعمل على تسوية النزاعات في ظل الاتحاد الإفريقي بواسطة البروتوكول الخاص بالمجلس في يوليو 2002م ، ودخل حيز التنفيذ في ديسمبر 2003م ، ليصبح آلية صنع القرار فيما يتعلق بمنع وإدارة وتسوية النزاعات وحفظ السلم والأمن في إفريقيا ويتكون المجلس من 15 دولة ، منها 5 دول يتم انتخابها كل 3 سنوات ، و10 دول لمدة سنتين تتولى مسؤولية قضايا السلم والأمن في القارة الأساسية.
حصاد الزيارة
والتقى الوفد الافريقي بعدد من المسؤوليين السودانيين وبحث عدد من القضايا ، وكيفية انهاء الحرب الدائرة وفك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الافريقي ، وحصد الوفد الزائر معلومات ضخمة حول الاوضاع في السودان وتعرف على وجهة نظر الحكومة السودانية فيما يلي التعامل مع الازمة الراهنة وذلك من خلال اللقاءات التي عقدها مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وعضو مجلس السيادة الفريق ابراهيم جابر ومع حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي ، وعدد من المسؤولين ، وقال السفير محمد جاد رئيس الوفد في تصريح صحفي أن هذه أول زيارة لمجلس السلم والأمن للسودان منذ عدة سنوات مبينا أن مصر حرصت منذ بداية رئاستها للمجلس في أبريل الماضي على القيام بهذه الزيارة ، وقال أن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة لوفد مجلس السلم والأمن الأفريقي ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية مبيناً أن الوفد أكد دعمه للسودان الشقيق حتى يتم تحقيق السلام بالبلاد وأضاف أن مصر تحرص دوما على ضرورة أن يخرج السودان من هذه الأزمة بخير وقال أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لإستعادة السودان لعضويته في الإتحاد الأفريقي وأضاف” لايمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الإتحاد الأفريقي “.
دور مصر رائد في افريقيا
والثلاثاء الماضي ، استقبل الدكتور بدر عبد العاطي ، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وفدًا من أعضاء مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي يقوم بزيارة إلى القاهرة، بالتزامن مع بدء رئاسة مصر للمجلس، ويتضمن الوفد مفوض السلم والأمن الإفريقي ، ومبعوث الاتحاد الأفريقي للسودان، والمندوبين الدائمين للدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن، إلى جانب مسؤولي إدارة الشؤون السياسية والسلم والأمن بمفوضية الاتحاد الإفريقي، وأشار الوزير المصري خلال الاجتماع إلى التحديات التي تواجه إفريقيا على الساحة الدولية، وأهمية السعي لتحقيق السلام المستدام ، مؤكدًا أن مصر باعتبارها إحدى الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي ومن خلال عضويتها الحالية في مجلس السلم والأمن ، وكذا ريادتها لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات ، ورئاستها الحالية للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة التنمية الإفريقية (نيباد) ، تعمل بكل جهد وإخلاص على تعزيز منظومة الأمن والاستقرار الجماعي بالقارة الإفريقية ودفع الجهود التنموية والتكامل القاري وإعادة الإعمار ، كما تتبنى نهجًا ثابتًا في سياستها الخارجية يقوم على حل النزاعات بالطرق السلمية والتشاور بهدف التوصل إلى حل مرضي لجميع الأطراف ، ومن المتوقع أن تعمل مصر خلال رئاستها للمجلس على تعزيز دوره كجهاز معني يصون السلم والأمن والاستقرار ومعالجة التحديات الأمنية والتنموية التي تشهدها القارة الإفريقي ، حيث تأتي الرئاسة المصرية للمجلس في سياق إقليمي ودولي معقد تتزايد فيه التحديات الأمنية وهو ما يتطلب تضافر الجهود والتشاور بشفافية حول سبل مواجهتها عبر مقاربة شاملة بغية إرساء الاستقرار والأمن في القارة الإفريقية وتحقق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي للتنمية 2063.
زيارة طال انتظارها
وفي السياق قال السفير الدكتور محمد جاد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي ، إن السودان تم تجميد عضويته في أكتوبر عام 2021 وحاولنا أن لا يستمر هذا القرار ومن ثم تضمن أن يتم الإشارة إلى ضرورة زيارة من المجلس إلى السودان للتحقيق من الوضع في ظل السعي لعودة العضوية، ومع تطور الأوضاع في البلاد واندلاع الحرب في 15 أبريل العام الماضي ، أدى ذلك إلى تكثيف الجهود لإتمام تلك الزيارة المهمة ، وأضاف جاد في تصريحات صحفية في مطار بورتسودان الدولي ، الخميس ، أن هناك حرص مصري شديد على دعم السودان في هذه المرحلة الدقيقة ، ومن ثم عندما تولينا رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي في الأول من أكتوبر الجاري ، عقب زيارتنا إلى القاهرة ولقاءنا مع وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي ، أن تكون وجهتنا إلى السودان مباشرة لإتمام زيارة طال انتظارها ، وأشار جاد إلى أن أسباب تأخر الزيارة لمدة ثلاث سنوات ، أن مصر لم تكن ضمن منظومة المجلس لمدة عامين ، بالإضافة إلى أن أجندة المجلس والاتحاد الأفريقي مكثفة ومشكلات القارة كثيرة، ولكن في نهاية المطاف عندما تولينا الرئاسة وضعنا السودان أولوية، علماً بأن أخر رئاسة مصرية للمجلس كانت في نوفمبر عام 2021، وأكد جاد أن الهدف الرئيسي لزيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى السودان ، هو التعبير عن كامل تضامن الدول الأفريقية الأعضاء مع الدولة السودانية الشقيقة ، ومعرفة حقيقة ما يحدث على أرض الواقع، لاسيما أن الاتحاد الأفريقي ينقسم للدول الأعضاء والمفوضية، والأخيرة كان لديها توصيات بالتواصل بشأن السودان، ولكن التواصل الحقيقي يأتي من خلال الدول الأعضاء باعتبارها هي صاحبة القول الفصل في قرارات الاتحاد الأفريقي ، ورغم ذلك نحن نثمن الجهود الحثيثة لرئيس المفوضية موسى فكي ، ورئيس لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى بشأن السودان محمد بن شمباس بشأن حل الأزمة ، ولكن في نهاية المطاف متخذو القرار هم الدول الأعضاء ولذلك حرصنا أن تكون تلك الدول خلال رئاسة مصر للمجلس ضمن زيارتنا إلى السودان ، وبشأن تصريحات توم بيرييلو حول فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل ، بهدف حماية المدنيين في السودان أكد جاد رفض مصر القاطع لهذا الحديث.
رئاسة المجلس
جدير بالذكر أنه تم انتخاب مصر لمقعد العامين بمجلس السلم والأمن بالإجماع خلال اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي في فبراير 2024م ، كممثل عن إقليم شمال إفريقيا، وهو ما يعكس تقدير وثقة دول إقليم شمال القارة السمراء ، وكذا كافة دول القارة لجهود مصر والتزامها بتعزيز السلم والأمن والاستقرار في إفريقيا ، وتعد مصر من أهم الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية في مايو عام 1963 والتي تحول اسمها فيما بعد إلى “الاتحاد الإفريقي”، وقد برز الدور المصري في الحفاظ على روح ميثاق المنظمة منذ أول قمة إفريقية استضافتها القاهرة في يوليو 1964، وأصبح تقارب الدولة المصرية مع إفريقيا في هذه المرحلة هو محور حركة سياستها الخارجية.