ايلولة البنك المركزي لـ«السيادي».. أصل الحكاية
تقرير – رحاب عبدالله
رحب خبراء مصرفيين بقرار أيلولة وتبعية بنك السودان المركزي إلى مجلس السيادة الإنتقالي الذي اصدره (الاربعاء) رئيس المجلس الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حيث كان بنك السودان يتبع لمجلس الوزراء وفقا للوثيقة الدستورية.
أصل الحكاية
واوضح الخبير المصرفي ببنك السودان نجم الدين ابراهيم، ان البنك المركزي في الاصل يعين مجلس إدارته ومحافظه ونوابه بواسطة رئيس الجمهورية، ليكون بعيدا عن مجلس الوزراء والجهاز التنفيذي وبرر ذاك في حديثه لـ(نبض السودان) حتى لا يتقاطع دوره مع الوزارات الأخرى، بيد انه قطع بان البنك المركزي مع ذلك يعمل بكامل التنسيق مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادية فيما يلي ولاية المالية على المال العام وإصدار السياسات المالية بالتنسيق مع السياسات النقدية.
خصما على البنك المركزي
وفيما بتعلق بتبعية بنك السودان لمجلس الوزراء ،اعتبرها نجم الدين انها خصما على بنك السودان ،لجهة انه يشغل المركزي باجتماعات مجلس الوزراء وكثير من الموضوعات ، لافتا الى ان تلك الاجتماعات ليست لها علاقة بالبنك المركزي كما ان اصدار أي قرار من المجلس بحضور البنك المركزي يلزم البنك المركزي بتنفيذه.
ضمان الاستقلالية
ويقول مدير بنك الثروة الحيوانية الاسبق مدير الوكالة الوطنية لتنمية وتمويل الصادرات احمد بابكر حمور ، في حديقه ل(نبض السودان) البنك المركزي علي ايام حكومة الانقاذ كان بموجب دستور 2005 يتبع لرئاسة الجمهورية، وهو الأصل في التبعية، الا أنه خلال فترة الانتقال كان يتبع لمجلس وزراء حمدوك.
واكد حمور ان تبعية المركزي لرئاسة الجمهورية ومن بعده المجلس السيادي تضمن الاستقلالية للبنك المركزي كما تضمن استقلال السياسة النقدية والتي هي من صلاحيات البنك المركزي عن السياسة المالية لوزارة المالية ، مضيفا ان هذا الفصل يصب في مصلحة الاقتصاد السوداني.
سلامة أداء البنوك المركزية
من ناحيته قطع الخبير المصرفي وليد دليل في حديثه لـ(نبض السودان) بأن الاستقلالية لا تزال مبدأ أساسيا في ضمان سلامة أداء البنوك المركزية – على وجه الخصوص، من منظور هدفها المعني باستقرار الأسعار، غير أنه اشار الى ان البنوك المركزية ستحتاج إلى تعزيز أدائها فينبغي أن تعزز درجة الشفافية في قراراتها وإجراءاتها ذات الجوانب المتعددة، مع مراعاة الإفصاح الواضح للجمهور كعامل جوهري في هذا الخصوص.
واكد وليد دليل انه لن يتسنى ضمان استقلالية البنوك المركزية على المدى الطويل إلا بتعزيز حوكمة البنوك المركزية وزيادة شفافيتها ومساءلتها بصورة متزامنة، واعتبرها الخطوة الأكيدة للمساعدة في إعادة بناء الثقة الجماهيرية في البنوك المركزية كمؤسسات يعتمد عليها تأخذ على عاتقها الدفاع عن السياسات الاقتصادية غير التضخمية والمنشئة لفرص العمل.
واكد وليد ان البنوك المركزية اليوم تواجهها الكثير من التحديات التي تؤثر على استقلاليتها. فهناك مطالبات متزايدة بتخفيض أسعار الفائدة، حتى وإن كان قبل الأوان، بينما مخاطر التدخل السياسي في صنع القرارات في البنوك وتعيينات المسؤولين فيها آخذة في التزايد. وعلى الحكومات والبنوك المركزية مقاومة هذه الضغوط.
تجاوز المخاطر
مشيرا الى ان السلطات الحكومية الأخرى تقع على عاتقها مسؤوليات واضحة لمساعدة البنوك المركزية على تحقيق أهداف المهام المنوطة بها وتجاوز المخاطر أمامها، مضيفا انه لا يقتصر ذلك على القوانين التي تنادي بالاستقلالية، وإنما يعني كذلك العمل بنص هذه القوانين ، ويعني كذلك مراعاة تأثير السياسات الأخرى على وظيفة البنوك المركزية.وسن سياسات المالية العامة الحريصة التي تحافظ على استدامة القدرة على تحمل الديون يساعد على الحد من مخاطر “هيمنة المالية العامة” – أي الضغط على البنك المركزي ليقدم تمويلا بتكلفة منخفضة إلى الحكومة، وهو ما يؤجج التضخم في نهاية المطاف. ويتيح الحرص المالي كذلك حيزا أكبر في الميزانية لدعم الاقتصاد عند الحاجة، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ماذا يقول القانون
واوضح وليد دليل تتمثل إحدى مسؤوليات الحكومة الأخرى التي عادة ما تكون مشتركة مع البنوك المركزية في المحافظة على قوة النظام المالي وحسن تنظيمه، مبينا انه البنك المركزي وفقا لدستور السودان الانتقالي للعام 2005م، في الفصل السادس – النظام المصرفي تحت قائمة إعادة هيكلة بنك السودان المركزي، المادة (202) البند رقم (4) تنص على أنه ينشأ مجلس لإدارة بنك السودان المركزي ويكون مسؤولاً لدى رئاسة الجمهوريـة، ويضم تسعة أعضاء يشملون محافظ البنك رئيساً، نائبين للمحافظ، بجانب ستة سودانيين من ذوي الكفاءة العالية يعينهم رئيس الجمهورية وفقاً للمادة (58) من الدستور، على أن تكون قرارات مجلس الإدارة بالإجماع في المسائل التي قد تؤثر سلباً علـى مـصالح عملاء أي من النافذتين، كما يعين رئيس الجمهورية المحافظ ونائبيه، على أن يعين المحافظ بالتشاور مع مجلس الإدارة ونائبيه شاغلي الوظائف العليا في البنك، وبالتالي وفقاً للدستور فإن البنك يتبع لرئاسة الجمهورية، هذا في عهد النظام السابق.
أما وفقاً للوثيقة الدستورية الراهنة ففي الفصل السادس عشر، تحت قسم الأحكام المتنوعة، البند (74)، ينص على تبعية بنك السودان لمجلس الوزراء ما يعني أنه تحت إمرة رئيس مجلس الوزراء، كما نصت الوثيقة على أن تؤول كل سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية ذات الطبيعة التنفيذية الواردة في أي قانون سارٍ لرئيس مجلس الوزراء.